الآية التالية تؤكّد على أنّ هؤلاء ليسوا على استعداد لقبول الحقّ ،فاتركهم لحالهم وأعرض عنهم وتذكّر يوم يدعو الداعي الإلهي إلى أمر مخيف ،وهو الدعوة إلى الحساب ،حيث يقول سبحانه: ( فتولّ عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر ){[4855]} .
وعلى هذا تكون عبارة: ( يوم يدع الداع ) عبارة مستقلّة ومنفصلة عن جملة: ( فتولّ عنهم ) .لكن البعض يرى أنّ كلّ واحدة من الجملتين مكمّلة للأخرى ،حيث يذهبون إلى أنّ قوله تعالى: ( فتولّ عنهم ) جاءت بصيغة الأمر للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم )بالإعراض عن المشركين الذين يرجون الشفاعة منه يوم القيامة عندما يدعوهم الداعي الإلهي للحساب .وهذا الرأي مستبعد جدّاً .
وهنا يثار السؤال التالي: هل الداعي هو الله سبحانه ؟أم الملائكة ؟أم إسرافيل الذي يدعو الناس ليوم الحشر عندما ينفخ في الصور ؟أم جميع هؤلاء ؟
ذكر المفسّرون احتمالات عدّة للإجابة على هذا التساؤل ،ولكن بالرجوع إلى قوله تعالى: ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده ){[4856]} ،يرجّح الرأي الأوّل .رغم أنّ الآيات اللاحقة تتناسب مع كون الداعي هم الملائكة المختّصون بشؤون الحساب والجزاء .
أمّا المراد من ( شيء نكر ){[4857]} فهو الحساب الإلهي الدقيق الذي لم يكن معلوماً من حيث وقته قبل قيام الساعة ،أو العذاب الذي لم يخطر على بالهم ،أو جميع هذه الأمور ،ذلك لأنّ يوم القيامة في جميع أحواله حالة غير مألوفة للبشر .