/م127
وفي آخر آية من الآيات الحاضرة يعكس القرآن الكريم شكايات بني إسرائيل وعتابهم من المشكلات التي ابتلوا بها بعد قيام موسى( عليه السلام ) فيقول: ( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ) فإذا متى يحصل الفرج ؟!
وكأنّ بني إسرائيل مثل كثير منّا كانوا يتوقعون أن تصلح جميع الأُمور بقيام موسى( عليه السلام ) في ليلة واحدة ....أن يزول فرعون ويسقط ،ويهلك الجهاز الفرعوني برمته ،وتصبح مصر بجميع ثرواتها تحت تصرف بني إسرائيل ،ويتحقق كل ذلك عن طريق الإِعجاز ،من دون أن يتحمل بنو إسرائيل أيّ عناء .
ولكن موسى( عليه السلام ) أفهمهم بأنّهم سينتصرون في المآل ،ولكن أمامهم طريقاً طويلا ،وإنّ هذا الانتصارطبقاً للسنة الإِلهيةيتحقق في ظل الاستقامة والثبات والسعي والإِجتهاد ،كما جاء ذلك في الآية الحاضرة( قال عسى ربّكم أن يُهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض ) .
وذكر كلمة «عسى » مثل كلمة «لعلّ » التي وردت في كثير من الآيات القرآنية إشارةفي الحقيقةإلى أنّ لهذا التوفيق والانتصار شرائط ،من دونها لا يصلون إليه ،( للوقوف على المزيد في هذا المجال راجع ما كتبناه في تفسير الآية 84 من سورة النساء ) .
ثمّ يقول في ختام الآية: إنّ الله أعطاكم هذه النعمة ،وأعاد إليكم حريتكم المسلوبة كي ينظر كيف تتصرفون أنتم( فينظر كيف تعملون ) ؟
يعني ستبدأبعد الانتصارمرحلة امتحانكم واختباركم ،اختبار شعب كان فاقداً لكل شيء ثمّ حصل على كل شيء في ضوء الهداية الإِلهية .
إنّ هذا التعبيرهو ضمناًإشعار بأنّكم سوف لا تخرجون من هذاالاختبارفي المستقبلبنجاح ،وستفسدون وتظلمون كما فعل من كان قبلكم .
ونقرأ في رواية وردت في كتاب الكافي مروية عن الإِمام الباقر( عليه السلام ) أنّه قال:
«وجدنا في كتاب علي صلوات الله عليه: إنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ،أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الأرض ونحن المتقون »{[1427]} .
وهذه إشارة إلى أن الحكم المذكور في هذه الآية حكم شامل ،وقانون عام ،والأرض هي الآنفي الحقيقةللمتقين .