/م138
يقول في البداية: تذكَّروا يوم أنجيناكم من مخالب آل فرعون الذين كانوا يعذبونكم دائماً ( وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ) .
و«يسومون » مشتقّة من مادة «سوم » وتعني في الأصلكما قال «الراغب » في «المفردات »الذهاب في طلب شيء ،كما يستفاد من القاموس تضمنه لمعنى الاستمرار والمضّي أيضاً ،وعلى هذا يكون معنى ( يسومونكم سوء العذاب )أنّهم كانوا يعذبونكم بتعذيبات قاسية باستمرار .
ثمّ تمشياً مع أسلوب القرآن في بيان الأُمور بتفصيل بعد إجمال شرح هذا العذاب المستمر ،وهو: قتل الأبناء ،واستبقاء النساء للخدمة والاسترقاق ( يقتلون أبناءكم ،ويستحيون نساءكم ) .
وقد كان في هذا اختبار عظيم من الله لكم ( وفي ذلكم بلاءٌ من ربّكم عظيم ) .
وسياق الآية يكشف عن أن هذه العبارة قالها موسى( عليه السلام ) عن الله لنبي إسرائيل عندما رغبوا بعد عبورهم بحر النيل في الوثنية وعبادة الأصنام .
صحيح أنّ بعض المفسّرين احتمل أن يكون المخاطبون في هذه الآية هم يهود عصر الرّسول الأعظم( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،لأنّ التّفسير الأوّل يحتاج إلى تقدير شيء بأن يقال: إن الآية كانت في الأصل هكذا: قال موسى: قال ربّكم ...وهذا خلاف الظاهر .
ولكن مع الالتفات إلى أنّه لو كان المخاطبون في هذه الآية هم يهود عصر النّبي الأكرم( صلى الله عليه وآله وسلم ) لانقطع ارتباط الآية بما يسبقها وما يلحقها بصورة كاملة ،وكانت هذه الآية كالجملة المعترضة ،يبدو للنظر أن التّفسير الأوّل أصح .
هذا ولابدّضمناًمن الالتفات إلى أن نظير هذه الآية مرّ في سورة البقرة الآية ( 49 ) مع فارق جداً بسيط ،ولمزيد التوضيح راجع تفسير الآية ( 49 ) من سورة البقرة .