وعلى أيّة حال ،فقد حلّ بفرعون منتهى التكبر والطغيان ،فأخذه جبّار السماوات والأرض سبحانه أخذ عزيز مقتدر: ( فأخذه اللّه نكال الآخرة والأولى ){[5774]}
«النكال »: لغةً: العجز والضعف .ويقال لِمَن يتخلف عن دفع ما استحق عليه ( نكل ) .و( النِكل )على وزن فكرالقيد الشديد الذي يعجز معه الإنسان على عمل أيّ شيء .
و«نكال »: في الآية يقال للعذاب الإلهي الذي يؤدي إلى عجز الإنسان ،ويُخيف الآخرين ،فيعجزهم عن ارتكاب الذنب ،.
«نكال الآخرة »: عذاب جهنّم الذي سينال فرعون وأصحابه ومَن سار على خطوه ،و«عذاب الأولى »: إشارة إلى إغراق فرعون وأصحابه في نهر النيل .
وتقديم «نكال الآخرة » على عذاب الدنيا ،لأهميته وشدّة بطشه .
وقيل: «الأولى »: تشير إلى كلمة فرعون الأولى في مسير طغيانه حين ادّعى ( الاُلوهية ) ،كما جاء في الآية ( 38 ) من سورة القصص .
و«الآخرة »: إشارة الى آخر كلمة نطق بها فرعون حين ادّعي ( الرّبوبية العليا ) ،فعذّبه اللّه بالغرق في الحياة الدنيا نتيجة ادّعائيه الباطلين .
وقد أشير لهذا المعنى فيما روي عن الإمام الباقر( عليه السلام ) قوله: «إنّ الفترة ما بين قوله الأولى والآخرة كانت أربعين عاماً ،وقد أخّر اللّه تعالى عذابه كلّ هذه المدّة إتماماً للحجّة عليه »{[5775]} .
ويوافق هذا المعنى صيغة الفعل الماضي الواردة في الآية «أخذ » والذي يفهم منه تنفيذ كلّ العقاب في الدنيا ،وتعضده الآية التالية التي تَعِدُّ العذابَ عبرةً للآخرين .
/خ26