التّفسير
من المعلوم في أُسلوب القرآن هو الجمع بين البشارة والنذارة ،أي أنّه كما ينذر أعداء الحق بالعقاب والعذاب ،فإنّه يفتح لهم في الوقت نفسه طريق العودة أمامهم .
والآية الأُولى: من الآيات محل البحث تتبع هذا الأُسلوب ذاته ،فتأمر النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) قائلةً: ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) .
ويستفاد من الآية المباركة أنّ قبول الإِسلام يوجب محو كل سابقة وهو ما ورد في الرّوايات على أنّه أصل عام ،كما في عبارة «الإِسلام يجبُّ ما قبله » أو ما جاء عن أهل السنة في تعبير آخر عن النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن «الإِسلام يهدم ما كان قبله ،وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها ،وإن الحج يهدم ما كان قبله »{[1550]} .
والمقصود من الحديث آنفاً هو أنّ كل ما عمله الإِنسان من سيئات وحتى تركه للفرائض والواجبات قَبلَ إِسلامه فسوف يُمحى عنه بقبوله الإِسلام ،ولا يكون قبوله للإسلام أثر رجعي لما سبق ،لهذا ورد في كتب الفقه عدمُ وجوب قضاء ما فات من العبادات على من أسلم .
وتضيف الآية قائلة: إنّهم إن لم يصححوا أسلوبهم ( وإن يعودوا فقد مضت سنّة الأولين ) .
والمقصود من هذه السنة هو ما آل إليه أعداء الحق بعد ما واجهوا الأنبياء ،وما أصاب المشركين عندما واجهوا النّبي الأكرم( صلى الله عليه وآله وسلم ) في معركة بدر .
فنحن نقرأ في سورة غافر ،الآية: ( 51 ): ( إنّا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) .
ونقرأ في سورة الإسراء ،الآية ( 77 ): بعد بيان سحق أعداء الإِسلام قوله تعالى: ( سنة من أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا ) .