ثمّ يأتي جواب القسم الوارد في الآيات أعلاه: ( لتركبنّ طبقاً عن طبق ) ،إشارة إلى المراحل والتحولات التي يمرّ بها الإنسان في حياته .
وقد ذكرت تفاسير مختلفة لهذه الآية المباركة ،منها:
1يقصد بها تلك الحالات المختلفة التي يمرّ بها الإنسان في كدحه وسيره المضني نحو اللّه جلّ وعلا ،فيبدأ بحالة الدنيا ،ثمّ ينتقل إلى عالم البرزخ ومنه إلى القيامة والآخرة ( مع ملاحظة أنّ «طبق » من ( المطابقة ) ،وهي جعل الشيء فوق شيء آخر بقدرة ،وجاءت أيضاً بمعنى ،المنازل التي يطويها الإنسان في عملية صعوده ) .
2يقصد بها تلك الحالات التي يمرّ بها الإنسان منذ كونه نطفةً حتى يموت ،( وقد عدّها البعض ( 37 ) حالة ) .
3يقصد بها تلك الحالات التي يعيشها الإنسان في حياته من: سلامة ومرض ،سرور وغم ،اليسر والعسر ،السلم والحرب ... الخ .
4يقصد بها تلك الحالات الصعبة التي ستواجه الإنسان يوم القيامة حتى يفرغ من حسابه ،ويتجه إلى مصيره ( الجنّة أو النّار ) .
5يقصد بها تلك الحالات التي مرّت بها الأقوام السالفة بحلاوتها ومرّها ،وكذلك الإشارة إلى ألوان التكذيب والإنكار الذي يقع في هذه الأمة ،وهذا المعنى قد ورد في حديث ما روي عن الإمام الصادق( عليه السلام ) .
ولا يمنع من اعتبار كلّ ما جاء في التفاسير أعلاه مصاديق لمعنى الآية .
وقيل: إنّ شخص النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) هو المخاطب في الآية ،والآية تشير إلى طبقات السماء التي طواهنّ رسول اللّه( صلى الله عليه وآله وسلم ) في معراجه .
ولكن ،بلحاظ وجود الضم على «الباء » في «لتركُبنّ » ،يتّضح لنا أنّ المخاطب جمع وليس فرد هذا من جهة ،ولو رجعنا إلى الآيات السابقة لرأينا النداء موجه إلى النّاس كافة من جهة أخرى ،وعليه ،فهذا التّفسير بعيد عن مرام الآية .
وعلى آية حال ،فعدم استقرار الإنسان على حال ثابتة يدلل على فقر الإنسان واحتياجه ،لأنّ كلّ متغيّر حادث ،وكلّ حادث له محدث ،كما وإنّ عدم استقرار هذا العالم علامة على حركة الإنسان المستمرة نحو اللّه والمعاد ،وكما قالت الآية: ( يا أيّها الإنسان إنّك كادح إلى ربّك كدحاً فملاقيه ) .
/خ25