وتذكر الآية التالية القسم الثّاني ،بقولها: ( ويتجنبها الأشقى ){[5935]} .
وجاء عن ابن عباس ،إنّ الآية السابقة: ( سيذّكر من يخشى ) نزلت في ( عبد اللّه بن اُم مكتوم ){[5936]} ،ذلك البصير المؤمن الذي جاء إلى النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) طلباً للحق والتبصر به .
وروي ،إنّ الآية: ( ويتجنبها الأشقى ) نزلت في ( الوليد بن المغيرة ) و( عتبة بن ربيعة ) من رؤوس الشرك والكفر{[5937]} .
وقيل: يراد بالأشقى ،المعاندين للحق بعداء ،فالنّاس على ثلاثة أقسام: إمّا عارف وعالم ،وإمّا متوقف شاك ،أو معاند ،وأفراد الطائفة الأولى والثّانية ينتفعون من التذكير طبيعياً ،فيما لا ينفع القسم الثّالث منهم ،وليس للتذكير من أثر عليه سوى إتمام الحجّة .
ويُفهم من سياق الآية ،أنّ النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان ينذر ويعظ حتى المعاندين ،لكنّهم كانوا يتجنبونه ويهربون منه .
يبدو من خلال الآيتين الآنفتي الذكر أنّ «الشقاء » يقابل «الخشية » في حين أنّ ( السعادة ) هي التي تقابله ،ولعل هذا التقابل يستبطن حقيقة كون أساس سعادة الإنسان مبنية على إحساسه بالمسؤولية وخشيته .