التّفسير
خير البريّة وشرّها:
الآيات السابقة تحدثت عن انتظار أهل الكتاب والمشركين لبيّنة تأتيهم من اللّه ،لكنّهم تفرقوا من بعدما جاءتهم البيّنة .
هذه الآيات تذكر مجموعتين من النّاس مختلفتين في موقفهما من الدعوة «كافرة » و«مؤمنة » تذكر الكافرين أوّلاً بالقول:{إنّ الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنّم خالدين فيها اُولئك هم شرّ البريّة} .
وإنّما قال: «كفروا » لكفرهم بالدين المبين ،وإلاّ فإنّ كفرهم ليس بجديد .
وعبارة{أولئك هم شرّ البريّة ) عبارة قارعة مثيرة ،تعني أنّه لا يوجد بين الأحياء وغير الأحياء موجود أضل وأسوأ من الذين تركوا الطريق المستقيم بعد وضوح الحق وإتمام الحجّة ،وساروا في طريق الضلال ،مثل هذا المعنى ورد أيضاً في قوله تعالى:{إنّ شرّ الدواب عند اللّه الصم البكم الذين لا يعقلون ){[6105]} .
وفي قوله سبحانه يصف أهل النّار:{أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون}{[6106]} .
وهذه الآية التي نحن بصددها تذهب في وصف هؤلاء المعاندين إلى أبعد ممّا تذهب إليه غيرها ،لأنّها تصفهم بأنّهم شرّ المخلوقات ،وهذا بمثابة بيان الدليل على خلودهم في نار جهنم .
ولم لا يكونون شرّ المخلوقات وقد فتحت أمامهم جميع أبواب السعادة فأعرضوا عنها كبراً وغروراً وعناداً .
تقديم ذكر «أهل الكتاب » على «المشركين » في هذه الآية أيضاً قد يعود إلى ما عندهم من كتاب سماوي وعلماء ومن صفات صريحة لنبيّ الإسلام( صلى الله عليه وآله وسلم )في كتبهم ،لذلك كانت معارضتهم أفظع وأسوأ .
/خ8