قوله: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا (يوما ،مفعول به ،أو منصوب على الظرف .{[60]}
يحذر الله من يوم القيامة ،وليس المقصود اليوم نفسه وإنما المقصود ما في هذا اليوم من فوادح قواصم وأهوال رعيبة جسام ،ويكشف عن ذلك قوله تعالى في آية أخرى حول هذا الموقف العصيب: (يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد (وفي هذا اليوم وما يتخلله من أحداث مخوفة قوارع: (لا تجزي نفس عن نفس شيئا (أي لا تكفي ولا تغني عن نفس شيئا ،فكل امرىء مرهون بعمله لا تحمل نفس من أوزاره شيئا ،قال سبحانه: (ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى (.
قوله: (ولا يقبل منها شفاعة (والشفاعة من الشفع وهو ضم الفرد الى الفرد ليكونا اثنين ،والفعل شفع أي ضم واحدا الى آخر ،نقول شفعت الركعة أي جعلتها اثنتين ،ويشتق من ذلك الشفعة والشفاعة وهي ضم ذات إلى ذات أخرى للمطالبة بشيء معين ،{[61]} والمراد من الآية أن هؤلاء المشركين الضالين لا تنفعهم شفاعة أحد من الناس ،وفي مثل ذلك يقول عز من قائل: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين ( وفي يوم القيامة تذهب المعايير التي أوجدتها تصورات البشر وأعرافهم ،ولا تبقى أية قيمة للاعتبارات الدنيوية كالمال والولد والعشيرة وغير ذلك من المظاهر التي تعودت المجتمعات أن تعيرها كل اهتمام وتقدير .
قوله: (ولا يؤخذ منها عدل (العدل معناه الفداء ،وهو ما يعادل في الوزن والقدر ،وفي الآية: (أو عدل ذلك صياما (وذلك في المشركين الهلكى الذين لا تنفعهم عند الله شفاعة ولا يؤخذ منهم فداء من المال نظير خلاصهم أو العدول عنهم ،وفي ذلك بقول سبحانه: (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم (.
قوله (ولا هم ينصرون (ينصرون مبني للمجهول والواو نائب فاعل والمقصود بنو إسرائيل الذي لن يكون لهم عند الله نصير أو مجير ،وليس لهم من دون الله من يدرأ عنهم الشدة أو يكشف عنهم العذاب ،ذلك أنهم كانوا يخرصون في حماقة وسفه وغرور أنهم سوف ينجون من العذاب لحظوتهم بالشفاعة فهم أبناء النبيين والمرسلين ،فجاءت الآية لترد عليهم هذا التخريص وتبين أنهم لن يكون لهم شفعاء ،وأنهم لنم يقبل من أحدهم فداء ولو كان ملء الأرض ،ثم أنهم لن يكون لهم من دون الله معين أو نصير .{[62]}