قوله تعالى:{وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ} .
ظاهر هذه الآية عدم قبول الشفاعة مطلقًا يوم القيامة .ولكنه بيّن في مواضع أخر أن الشفاعة المنفية هي الشفاعة للكفار ،والشفاعة لغيرهم بدون إذن رب السماوات والأرض .
أما الشفاعة للمؤمنين بإذنه فهي ثابتة بالكتاب ،والسنة ،والإجماع .فنص على عدم الشفاعة للكفار بقوله:{وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} ،وقد قال:{وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} .وقال تعالى عنهم مقررًا له:{فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ 100} .وقال:{فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ 48} ،إلى غير ذلك من الآيات .
وقال في الشفاعة بدون إذنه:{مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} .وقال:{وَكَمْ مّن مَّلَكٍ في السَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِى شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاء وَيَرْضَى 26} .وقال:{يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ ورضي لَهُ قَوْلاً 109} ،إلى غير ذلك من الآيات .وادعاء شفعاء عند اللَّه للكفار أو بغير إذنه ،من أنواع الكفر به جلّ وعلا ،كما صرح بذلك في قوله:{وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ في السَّمَاوَاتِ وَلاَ في الأرض سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ 18} .
تنبيه: هذا الذي قررناه من أن الشفاعة للكفار مستحيلة شرعًا مطلقًا ،يستثنى منه شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب في نقله من محل من النار إلى محل آخر منها ،كما ثبت عنه صلى الله عليه و سلم في الصحيح ،فهذه الصورة التي ذكرنا من تخصيص الكتاب بالسنة .