لكنهم لم يشكروا هذه النعم ،فوبخهم الله تعالى بقوله:{واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ} ،فبيّن لهم سمات ذلك اليوم الشديد الهول حيث يقف الناس للحساب وتنقطع الأسباب .آنذاك تبطُل منفعة الإنسان ،وتتحول سنّة هذه الحياة من انطلاق الإنسان واختياره ليدفع عن نفسه بالعدل والفداء أو الشفاعة عند الحكام .إن ذلك اليوم يختلف عن أمر الدنيا ،وتضمحل فيه جميع الوسائل إلا ما كان من عمل صالح .
{وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ} أي: ليس لهم من يمنعهم من العذاب .
وقد كان اليهود يعتقدون ولا يزالون أنهم ،بدعوى انتسابهم للأنبياء- لا يدخلون النار أو لا تمسّهم النار إلا أياماً معدودة ،لأن لهم الجاه والتأثير يوم القيامة ،كما أن أحبارهم يشفعون لهم ،بل يمكنهم أن يخلّصوا مجرميهم بشتى الوسائل التي يستخدمونها في الدنيا ..فجاء الإسلام وسفّه هذه العقيدة ،وعلّمنا أنه لا ينفع في ذلك اليوم إلا مرضاة الله بالإيمان والعمل الصالح الذي يتجلى في أعمال الجوارح .
ونأتي إلى معنى الشفاعة ،إن شفاعة النبي عامةٌ لا يخص بها أشخاصاً معينين ،وهي كما قال ابن تيمية «دعاء يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ،فيستجيبه المولى جلّ وعلا » ،وهذا خلاف ما يعتقده اليهود كما مر آنفاً ،انطلاقا من دعوى أنهم شعب الله المختار استناداً إلى ما جاء في كتبهم من هراء وكذب .
القراءات:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو{ولا تقبل منها شفاعة} بالتاء .