قوله تعالى: (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) إذ تفيد الظرفية الزمانية للماضي وآتينا بمعنى أعطينا فقد أعطى الله كليمه موسى الكتاب والفرقان ،أما الكتاب فهو التوراة بغير خلاف ،لكن الإشكال في المقصود بالفرقان .فقد ورد في ذلك أقوال كثيرة تتراوح بين التوسط والبعد ،لكننا نقتضب من بين ذلك أقوالا ثلاثة في المقصود بالفرقان وهي:
القول الأول: إن الفرقان هو نفسه الكتاب وقد جيء به بعد الكتاب على سبيل التأكيد .
القول الثاني: معنى الفرقان هنا الفرج والمخرج ،وذلك ما كتبه الله لبني إسرائيل بعد أن كانوا مقهورين أذلة تحت نير فرعون ،ويعزز هذا القول الآية الكريمة: (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) والمقصود به هنا انفراج الكرب والخروج من العسر والضيق .
القول الثالث: إنه بمعنى التفريق بين الحق والباطل ،أي أن موسى قد أوتي التوراة وكذلك أوتي من الله علما يفرق به بين الحق والباطل وذلك هو الفرقان ،وهو ما نميل إليه ونرجحه والله أعلم .
قوله: (لعلكم تهتدون) كاف المخاطب في محل نصب اسم لعل ،والميم للحمع والجملة الفعلية المكونة من الفعل وواو الجماعة الفاعل في محل رفع خبر ،وقد أنزل الله على بني إسرائيل كتابه التوراة فيه هداية لهم ونور لينجوا من الضلالة ويتجنبوا السقوط في براثن الشر بكل أشكاله .