القول في تأويل قوله تعالىوَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53)
قال أبو جعفر:يعني بقوله:(وإذ ءاتينا موسى الكتاب):واذكروا أيضا إذ آتينا موسى الكتاب والفرقان. ويعني ب "الكتاب ":التوراة , وب "الفرقان ":الفصل بين الحق والباطل، كما:-
928 - حدثني المثنى بن إبراهيم قال حدثنا أبو جعفر , عن الربيع بن أنس , عن أبي العالية , في قوله:(وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال:فرق به بين الحق والباطل .
929 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله:(وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال:الكتاب:هو الفرقان , فرقان بين الحق والباطل (113) .
930 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد مثله .
931 - وحدثني القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد، قوله:(وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان)، قال:الكتاب هو الفرقان , فرق بين الحق والباطل .
932 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج , عن ابن جريج قال، وقال ابن عباس:"الفرقان ":جماع اسم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان .
وقال ابن زيد في ذلك بما:-
933 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب. قال:&; 2-71 &; سألته -يعني ابن زيد- عن قول الله عز وجل:(وإذ ءاتينا موسى الكتاب والفرقان) فقال:أما "الفرقان "الذي قال الله جل وعز:يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ[الأنفال:41]، فذلك يوم بدر , يوم فرق الله بين الحق والباطل , والقضاء الذي فرق به بين الحق والباطل . قال:فكذلك أعطى الله موسى الفرقان , فرق الله بينهم , وسلمه وأنجاه، فرق بينهم بالنصر. فكما جعل الله ذلك بين محمد صلى الله عليه وسلم والمشركين , فكذلك جعله بين موسى وفرعون (114) .
* * *
قال أبو جعفر:وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية، (115) ما روي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد:من أن الفرقان الذي ذكر الله أنه آتاه موسى في هذا الموضع، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل , وهو نعت للتوراة وصفة لها . فيكون تأويل الآية حينئذ:وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح وفرقنا بها بين الحق والباطل .
فيكون "الكتاب "نعتا للتوراة أقيم مقامها، استغناء به عن ذكر التوراة , ثم عطف عليه ب "الفرقان ",إذ كان من نعتها.
* * *
وقد بينا معنى "الكتاب "فيما مضى من كتابنا هذا, وأنه بمعنى المكتوب. (116)
* * *
وإنما قلنا هذا التأويل أولى بالآية، وإن كان محتملا غيره من التأويل، لأن الذي قبله من ذكر "الكتاب ",وأن معنى "الفرقان "الفصل (117) - وقد دللنا على ذلك فيما مضى من كتابنا هذا (118) -, فإلحاقه إذ كان كذلك، بصفة ما وليه أولى من إلحاقه بصفة ما بعد منه.
وأما تأويل قوله:(لعلكم تهتدون)، فنظير تأويل قوله:لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، ومعناه لتهتدوا (119) .
وكأنه قال:واذكروا أيضا إذ آتينا موسى التوراة التي تفرق بين الحق والباطل لتهتدوا بها، وتتبعوا الحق الذي فيها، لأني جعلتها كذلك هدى لمن اهتدى بها واتبع ما فيها .
-----------
الهوامش:
(113) في المخطوطة:"هو الفرقان بين الحق والباطل"، والذي في المطبوعة أجود .
(114) في المطبوعة:"بين محمد والمشركين"، وأثبت ما في المخطوطة .
(115) في المطبوعة:"فأولى هذين التأويلين . . . ".
(116) انظر ما مضى 1:97 - 99 .
(117) في المطبوعة:"لأن الذي قبله ذكر الكتاب"بإسقاط"من".
(118) انظر ما مضى 1:98 - 99 .
(119) انظر ما مضى 2:69 .