ثم قفى على هذا بذكر إيتائهم الكتاب وهو المنة الكبرى فقال{ وإذا آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون} قال المفسر"الجلال "كغيره:إن الفرقان هو التوراة وقال بعض المفسرين:إن الفرقان هو ما أوتيه موسى من الآيات والمعجزات .وقال الأستاذ الإمام بعد حكاية القولين:ولكن ذكره بعد الكتاب معطوفا عليه دليل أن المراد به ما في الكتاب من الشرائع والأحكام المفرقة بين الحق والباطل والحلال والحرام ، ومعنى قوله{ لعلكم تشكرون}{ لعلكم تهتدون} أي ليعدكم بهذا العفو للاستمرار على الشكر ويعدكم بهذه الأحكام والشرائع للاهتداء ويهيئكم للاسترشاد فلا تقعوا في وثنية أخرى ، وإن من كمال الاستعداد للهداية بفهم الكتاب أن يعرفوا أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو هدى ونور يرجعهم إلى الأصل الذي تفرقوا عنه واختلفوا فيه ، وكذلك اهتدى به منهم المستبصرون ، وجاحده الرؤساء المستكبرون ، والمقلدون الذين لا يعقلون .