قوله تعالى:{يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين 62 ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم} روي أن رجلا من المنافقين قال: والله إن هؤلاء لخيارنا وأشرفنا وإن كان ما يقول محمد حقا لهم شر من الحمير ،فسمعها رجل من المسلمين ،فقال: والله إن ما يقول محمد لحق ولأنت أشر من الحمار ،فسعى بها الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ،فأرسل إلى الرجل فدعاه فقال: ( ما حملك على الذي قلت ؟) فجعل يلتعن ويحلف بالله ما قال ذلك ،وجعل الرجل المسلم يقول: اللهم صدق الصادق وكذب الكاذب ،فأنزل الله:{يحلفون بالله لكم} الآية .
وقيل: خرج المنافقون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وكانوا إذا خلا بعضهم ببعض سبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وطعنوا في الدين ،فنقل حذيفة ما قالوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا أهل النفاق ما هذا الذي بلغني عنكم ،فحلفوا ما قالوا شيئا من ذلك ؛فأنزل الله تعالى هذه الآية إكذابا لهم{[1835]} .
والمعنى: أن هؤلاء المنافقين يحلفون لكم أيها المؤمنون بالله لترضوا عنهم ولتصدقوهم فيما أنكروه وكذبوه مما نسب إليهم من إيذاء وطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛فقد حلفوا الأيمان الفاجرة أنهم ما قالوا شيئا مما نسب إليهم ،وأنهم على دينكم وهم معكم على من خالفكم .وهم في الحقيقة إنما يبتغون بذلك إرضاءكم أنتم غير عابئين بكونهم كاذبين فاسقين .
قوله:{والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين} لفظ الجلالة مبتدأ .وخبره{أحق} .والتقدير: والله أحق أن يرضوه ،ورسوله أحق أن يرضوه{[1836]} ؛أي أن الله أحق أن يبتغوا رضوانه بالتوبة إليه والإنابة مما اقترفوه من الكذب والباطل على رسول الله إن كانوا صادقين مصدقين بالله ورسوله وما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحق .