مناسبة النزول
جاء في تفسير القمي في سبب نزول الآية ،قال: إن عبد الله بن نبتل كان منافقاً وكان يقعد إلى رسول الله( ص ) فيسمع كلامه وينقله إلى المنافقين ،فينمُّ عليه ،فنزل جبرئيل على رسول الله( ص ) فقال: يا محمد إن رجلاً من المنافقين ينمُّ وينقل حديثك إلى المنافقين ،فقال رسول الله( ص ): من هو ؟قال: الرجل الأسود الوجه الكثير شعر الرأس ينظر بعينين كأنهما قدران ،وينطق بلسان شيطان ،فدعاه رسول الله( ص ) فأخبره ،فحلف أنه لم يفعل ،فقال رسول الله( ص ): قد قبلت منك فلا تفعل ،فرجع إلى أصحابه فقال: إن محمداً أذن ،أخبره الله أني أنمّ عليه وأنقل أخباره فقبله ،وأخبرته أني لم أقل ولم أفعل فقبله
تبرير الخطأ بالحلف بالله
{يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ} في مواقف الشك الذي توجّهونه نحوهم ،وفي مجالات العتاب الذي تثيرونه في وجوههم ،ويلهثون وراءكم من أجل أن يؤكدوا لكم أنهم في مستوى الثقة ،فيحلفون لكم بالأيمان المغلّظة ،ليحصلوا على رضاكم عنهم وثقتكم بهم ،وتلك هي صفة المنافقين الذين يعيشون الهمّ الكبير لأقل بادرة شكٍّ في سلوكهم لدى الآخرين ،لأن القضية عندهم هي الحصول على رضا المجتمع ،فإذا فقدوا ذلك ،فقدوا الأساس الذي يرتكزون عليه في حياتهم العامة{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يرضوه} لأنه هو الضمانة الوحيدة للنجاة في الدنيا والآخرة ،في ما تمثله قضية المصير التي ترتبط بالخط الذي يتصل بالله ورسوله ،ويحقق رضاهما عن السائرين عليه ،أمّا رضا الناس ،فإنه لا يمثل شيئاً حقيقياً في ميزان القيمة الروحيّة ،كما أنه لا يشكِّل أيّة ضمانةٍ كبيرةٍ على مستوى الآخرة ،وذلك هو ما يمثله موقف الإيمان الذي لا يتطلع فيه المؤمن إلاّ إلى الله ،لأن قيمة الناس عنده لا تخضع إلا لعلاقتهم بالله ،فهو الأساس لأية علاقةٍ بكل ما عداه ،فمنه تنطلق الفكرة ،وعنده تتحرك العاطفة ،وفي رحابه تنشأ العلاقة بالآخرين ،{إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ} بما يمثله الإيمان من عمق وامتدادٍ .
وماذا لدى هؤلاء في آفاقهم التي يطوفون بها ،وفي مواقفهم التي يحددونها ،عندما يتخذون الموقع العدواني في مواجهة الله ورسوله ،هل يعرفون نتائج ذلك ؟هل يعلمون ماذا يحدث لهم من خلال هذا السلوك ؟