{الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الاَْرْضِ أَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوا عَنِ الْمُنْكَرِ} لأن محاولتهم الحصول على القوّة تنطلق من موقع الإيمان المسؤول ،الذي يتحرك من خطّةٍ دقيقة قوامها الإخلاص لله في العبادة ،والمسؤولية تجاه الإنسان في روحية العطاء ،ومواجهة الواقع بإقامة الحقّ وإزهاق الباطل ،لما يمثله الأمر بالمعروف من الأمر بالحق في حركة الفكر ،على مستوى النظرية والتطبيق ،ولما يمثله النهي عن المنكر من رفض للمنكر ،على مستوى الخط والممارسة ..في المجالات العامة والخاصة ..
هؤلاء الذين يعيشون المسؤولية في مواقع العطاء ،ويتحركون به في آفاق الإخلاص لله ،ويعتبرون ما يملكونه من القوّة فرصةً للوصول إلى أهدافهم الكبيرة ،وهي إقامة الحياة على أساس الحق المنطلق من الله ،لا امتيازاً ذاتياً غايته الحصول على مكاسب ذاتية لجهة تحقيق الأطماع المادية والشهوات الحسية ..هؤلاء هم الذين ينصرهم الله بنصره ،لأن في انتصارهم انتصاراً للرسالات ،وحمايةً للإنسان من كل القوى الشريرة التي تدمّر إنسانيته ،وتنحرف به عن الاتجاه الصحيح .
{وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُْمُورِ} فهو مالك الأمور كلها ،وهو المبدىء والمعيد ،منه البداية وبيده النهاية ،وإليه المرجع في كل شيء ..ومهما امتدّ الإنسان في طغيانه ،أو تعاظم في قوته ،أو تمرّد في حركته ،فلن يستطيع أن يملك أمر نفسه ،فكيف يملك أمر غيره ؟!فالله هو المهيمن عليه وعلى حركته ،وله عاقبة الأمور كلها في جميع المشاريع الخاصة والعامة .