وآخر آية تفسّر المراد من أنصار الله الذين وعدهم بنصره في الآية السابقة ،وتقول: ( الذين إن مكّناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) .
إنّهم فئة لا تلهو ولا تلعب كالجبابرة بعد إنتصارها ،ولا يأخذها الكبر والغرور ،إنّما ترى النصر سلّماً لإرتقاء الفرد والجماعة .إنّها لن تتحوّل إلى طاغوت جديد بعد وصولها إلى السلطة ،لإرتباطها القويّ بالله ،والصلاة رمز هذا الإرتباط بالخالق ،والزكاة رمز للإلتحام مع الخلق ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعامتان قويتان لبناء مجتمع سليم .وهذه الصفات الأربع تكفي لتعريف هؤلاء الأفراد ،ففي ظلّها تتمّ ممارسة سائر العبادات والأعمال الصالحة ،وترسم بذلك خصائص المجتمع المؤمن المتطور{[2650]} .
كلمة «مكّنا » مشتقة من «التمكين » الذي يعني إعداد الأجهزة والمعدّات الخاصّة بالعمل ،من عدد وآلات ضرورية وعلم ووعي كاف وقدرة جسمية وذهنية .
وتطلق كلمة «المعروف » على الأعمال الجيدة والحقّة ،و «المنكر » يعني العمل القبيح ،لأنّ الكلمة الأُولى تطلق على الأعمال المعروفة بالفطرة ،والكلمة الثّانية على الأعمال المجهولة والمنكرة .أو بتعبير آخر: الأُولى تعني الإنسجام مع الفطرة الإنسانية ،والثّانية تعني عدم الإنسجام .
وتقول الآية في ختامها ( ولله عاقبة الاُمور ) وتعني أنّ بداية أي قدرة ونصر من الله تعالى ،وتعود كلّها في الأخير إليه ثانية ( إنّا لله وإنّا إليه راجعون ) .
/خ41