وفي قوله تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ في الاٌّرْضِ} .
دليل على أنه لا وعد من الله بالنصر ،إلا مع إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر .فالذين يمكن الله لهم في الأرض ويجعل الكلمة فيها والسلطان لهم ،ومع ذلك لا يقيمون الصلاة ولا يؤتون الزكاة ،ولا يأمرون بالمعروف ،ولا ينهون عن المنكر فليس لهم وعد من الله بالنصر ،لأنهم ليسوا من حزبه ،ولا من أوليائه الذين وعدهم بالنصر ،بل هم حزب الشيطان وأولياؤه ،فلو طلبوا النصر من الله بناء على أنه وعدهم إياه ،فمثلهم كمثل الأجير الذي يمتنع من عمل ما أجر عليه ،ثم يطلب الأجرة ،ومن هذا شأنه فلا عقل له ،وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ} العزيز الغالب الذي لا يغلبه شيء ،كما قدمناه مراراً بشواهده العربية .وهذه الآيات تدل على صحة خلافة الخلفاء الراشدين ،لأن الله نصرهم على أعدائهم ،لأنهم نصروه فأقاموا الصلاة ،وآتوا الزكاة ،وأمروا بالمعروف ،ونهوا عن المنكر ،وقد مكر لهم ،واستخلفهم في الأرض كما قال:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الاٌّرْضِ} [ النور: 55] .والحق أن الآيات المذكورة تشمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وكل من قام بنصرة دين الله على الوجه الأكمل .والعلم عند الله تعالى .