{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ} قيل: إن الضمير في كلمة{صَرَّفْنَاهُ} يعود إلى الماء الذي تقدم ذكره في الآية السابقة ،ليكون المعنى ،صرفه من قوم إلى قوم في عملية توزيع عادلة ،فلا يدوم نزوله على قوم ليهلكوا ،أو ينقطع عن قوم دائماً ليهلكوا ،بل يدور بينهم لينال كل قوم نصيبهم منه بحسب المصلحة .
ويمكن أن يكون المراد تصريف الذكر وتنويعه بحسب الأساليب المختلفة في تقريب الفكرة إلى النفوس ،وذلك عبر ما تقدم من الحديث عن القرآن بطريقةٍ وبأخرى .أمَّا ارتباط التذكير ،كهدفٍ ،من خلال المعنى الأول ،فهو ملاحظة هذا التوزيع العادل في إنزال الماء على العباد ،ليتعرفوا منه عظمة الله ورحمته ،فيذكروا الله في إيمانهم .أمّا من خلال المعنى الثاني ،فواضح في تكرّر أمثال هذه الآية في القرآن ،حيث تتنوع أساليب القرآن في توعية الناس بالمفاهيم التوحيدية ،وإذا ما عاشوها ،تذكروا وخرجوا عن أجواء الغفلة التي يعيشون فيها ،ولكن{فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً} لأنهم لم ينفتحوا على المعاني المتنوعة بوعي وفكرٍ وتأمّل ،بل واجهوا ذلك مواجهة اللامبالاة ،فأعرضوا ،وكان نتيجة ذلك الكفر بالنعمة والعقيدة التوحيدية .