{وَإِذَا جَآءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بَِايَاتِنَا} ممن استجابوا لدعوة الله في رسالتك واتبعوك ،فبادلهم حباً بحب ،واحتراماً باحترام{فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} في تحية إسلامية مليئة بالحنان والمحبة والقرب والاحتضان الروحي والإيحاء بمعنى السلام الذي يعيشه المؤمن في علاقته بالمؤمن ونظرته إليه ،ليشعروا بالأمن معك ،على كرامتهم وعلى أنفسهم ،فلا تستسلم للوضع الطبقي الذي يحتقر أمثالهم لتطردهم وتستهين بهم لتحترم المستكبرين ،وحدثهم عن الله سبحانه وعن رحمته بعباده المؤمنين ،فقد{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} في هدايته وعفوه ومغفرته .
{أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ} فعصى ربه وخالف أمره ونهيه{ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ} من دون وعي لما ينبغي له أن يفعله مما يتناسب مع موقعه العبودي أمام ربه{وَأَصْلَحَ} وانتبه للواقع السيّىء الذي وضع نفسه فيه ،واستيقظت الندامة في عقله وروحه ،فقرر أن يغيّر موقفه من السلب إلى الإيجاب في علاقته بالله ،فتاب وأصلح عمله ،فانطلق إلى مواقع طاعة الله ورضاه ليصلح أمره في عمله وعلاقته بربه{فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} يغفر الذنب برحمته فلا يبقى للذنب أثر في حياته .
وهكذا يوحي الله بالسلوك العملي الملائم لما يريده ويرضاه ،فإذا جاء هؤلاء المؤمنون بدين الله وآياته إلى مجتمع المسلمين ،فيجب أن يتلقاهم الرسول والمؤمنون من الدعاة إلى الله بكل رحابة صدر وسعة قلب ويبادروهم بالسلام الذي يردّونه عليهم أو يبدأونه معهم ،وليبعثوا في داخلهم الطمأنينة ،وذلك بالتحدث إليهم عن رحمة الله التي كتبها على نفسه لعباده المؤمنين الخاطئين ،فمن عمل منهم سوءاً بجهالة ،ثم انتبه إلى نفسه ،وتاب منه وأصلح طريقه ،فإن اللهسبحانهيتوب عليه ويغفر له ذنبه برحمته لأنه الغفور الرحيم .