المفردات:
إنه ليس من أهلك: الناجين ،أو ليس من أهل دينك .
التفسير:
46{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ...} الآية .
أي: قال الله تعالى: إنه ليس من أهلك الناجين ،الذين وعدتك بنجاتهم ؛لأنه عمل عملا غير صالح ؛فالكلام على حذف مضاف .
وقد قرأ الجمهور أنه: عمل بفتح الميم وتنوين اللام ؛على أنه مصدر ؛مبالغة في ذمه ،حتى لكأنه هو نفس العمل غير الصالح ،وأصل الكلام: أنه ذو عمل غير صالح ،فحذف المضاف ؛للمبالغة بجعله عين عمله الفاسد ؛لمداومته عليه .
وقرأ الكسائي ويعقوب: عمل بوزن فرح ،بصيغة الفعل الماضي ،أي: أنه عمل عملا غير صالح ،وهو الكفر والعصيان .
قال الفخر الرازي:
وفي هذه الآية دليل على أن العبرة بقرابة الدين لا بقرابة النسب ،ولا علاقة للصلاح والتقوى بالوراثة والأنساب ؛لذا نجى الله المؤمنين من قوم نوح ،وأهلك ابنه وزوجته مع الكافرين ،والصحيح: أنه كان ابنه من صلبه ،ولكن كان مخالفا في النية والعمل والدين .
{فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} .
أي: فلا تسألني في شيء ليسلك به علم صحيح ،وقد تضمن دعاؤه معنى السؤال ،أو سمي نداؤه: سؤالا ،وجعل سؤال ما لا يعرف كنهه: جهلا وغباوة ،ووعظه ألا يعود إليه ،وإلى أمثاله من أفعال الجاهلين .
{إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين} .
إني أنهاك أن تكون من زمرة الجاهلين ؛فيسألونه تعالى أن يبطل حكمته وتقديره في خلقه ؛إجابة لشهواتهم وأهوائهم في أنفسهم ،أو أهليهم أو محبيهم ،ويحمل كل ما صدر من نوح وغيره من خطأ الاجتهاد ؛على ترك الأفضل والأكمل ،وحسنات الأبرار سيئات المقربين ،وبناء عليه ؛حصل العتاب والأمر بالاستغفار . 42