{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون111} .
المفردات:
عبرة: عظة .
لأولي الألباب: لأصحاب العقول .
يفترى: يخترع ويلفق .
بين يديه: ما تقدم عليه .
التفسير:
111{لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ...} .
تأتي هذه الآية في ختام سورة يوسف ؛فتبرز الهدف من ذكر هذه القصة فتقول: لقد كان في ذكر قصص الرسل والأنبياء عبرة وعظة لأصحاب العقول ؛حيث تعرض يوسف لألوان من البلاء فصبر وتمسك بالتقوى ؛وكان جزاء ذلك الفلاح في الدنيا ،والنجاة في الآخرة .
{ما كان حديثا يفترى} .
أي: ما كان هذا القرآن حديثا يختلق ويكذب من دون الله ؛لأنه كلام أعجز رواة الأخبار ،وحملة الأحاديث ،وإنما هو كلام الله من طريق الوحي والتنزيل ،المشتمل على العقائد والأخلاق ،وقصص الأمم الخالية في أعلا درجات الفصاحة والبلاغة ،وذلك كله فوق طاقة الإنس والجن .
قال تعالى:{قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} .( الإسراء:88 ) .
{ولكن تصديق الذي بين يديه} .
جاء القرآن مصدقا للكتب السماوية التي سبقته ،كالتوراة والإنجيل والزبور ،أي: تصديق ما جاء فيها من الصحيح والحق ،ونفى ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ،فهو مصدق أصولها الصحيحة ومبين ما وقع فيها من اختلاف .
قال تعالى:{إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} . ( النمل:76 ) .
{وتفصيل كل شيء} .
والقرآن أيضا فيه تفصيل كل شيء من الحلال والحرام ،والمحبوب والمكروه ،والأمر والنهي ،والوعد والوعيد ،وصفات الله الحسنى ،وقصص الأنبياء .
{وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} .
أي: هداية للناس من الضلال والحيرة ،ورحمة لقوم يؤمنون به ويسلكون سبيله ،ويهتدون بهديه .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره:
"وتفصيل كل شيء من تحليل وتحريم ،ومحبوب ومكروه ،وغير ذلك من الأمر بالطاعات ،والواجبات والمستحبات ،والنهي عن المحرمات ،وما شاكلها من المكروهات ،والإخبار عن الأمور الجلية ،وعن الغيوب المجملة والتفصيلية ،والإخبار عن الرب تبارك وتعالى بالأسماء والصفات ،وتنزهه عن مماثلة المخلوقات ؛فلهذا كان:{هدى ورحمة لقوم يؤمنون} .
تهتدي به قلوبهم من الغي إلى الرشاد ،ومن الضلال إلى السداد ،ويبتغون به الرحمة من رب العباد في هذه الحياة الدنيا ويوم المعاد "62 .