المفردات:
أضغاث: جمع ضغث وهو الحزمة من الحشيش أو البقل اختلط فيها الرطب باليابس .
أحلام: جمع حلم وهو ما يراه النائم ،ومعناه: اختلط فيها الحق بالباطل .
التفسير:
44{قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ} .
عجز العلماء والكهنة عن تفسير هذه الرؤيا ،أو عرفوا تأويلها ،وأحسوا أنها تشير إلى سوء ،لم يريدوا أن يوجهوا به الملك ،على طريقة رجال الحاشية في إظهار كل ما يسر الملوك ،وإخفاء ما يزعجهم ،وصرف الحديث عنه ،فقالوا: إنها أخلاط أحلام مضطربة ،وليست رؤيا كاملة تحتمل التأويل .
{وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ} .أي: لسنا نعرف تأويل مثل هذه الأحلام المضطربة المختلطة ،فهي لا تشير إلى شيء ،وربما كان المعنى: أن علمنا قاصر عن تفسير الأحلام: فلسنا معمقين في تأويلها ،مع أن لها تأويلا .
وقد ورد في صحيح البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الرؤيا من الله والحلم من الشيطان ،فإذا رأى أحدكم في منامه خيرا ؛فليحمد ،وإن رأى غير ذلك ؛فليتفل عن يساره ثلاث مرات ،وليصل ركعتين ولا يخبر بها أحدا ؛فإنها لا تضره ". 20
والمعنى: إن المؤمن الصادق يرى رؤيا صادقة واضحة ،أما الحلم فهو من الشيطان ؛ليثير التكدير والحزن على الإنسان ؛رؤيا صادقة واضحة ؛فهي بشارة من الله ،يستبشر بها المؤمن ويعمل بما يناسبها ؛وإذا رأى حلما فيه أمور مختلطة ،أو مضطربة لا يستوضح مدلولها ؛فإنه يتفل عن يساره ثلاث مرات ،ويستعيد بالله من الشيطان الرجيم ،ويتوضأ ويصلي ركعتين لله ،بنية أن يصرف عنه السوء ،ثم يقول:"اللهم ،لا يأتي بالخير إلا أنت ،ولا يذهب السوء إلا أنت ،اللهم ،اكفني السوء بما شئت وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير "، 21 ولا يخبر أحدا بهذا الحلم ؛فإن الحلم كالطير إذا قص وقع ،ونلاحظ: أنه مر بنا عدد من المنامات والأحلام والرؤى منها: رؤيا يوسف أحد عشر كوكبا ،ورؤيا الخباز والساقي ،ثم رؤيا الملك ؛فلعل تفسير الأحلام والاهتمام بها يعطينا صورة من جو العصر كله في مصر ،وخارج مصر ،وأن الهبة اللّدنية التي وهبها يوسف كانت من روح العصر وجوه ،على ما نعهد في معجزات الأنبياء . 22