ثم بين حال من أناب إليه فقال:
{الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} .
المفردات:
تطمئن قلوبهم: تستقر وتستريح وتستأنس .
تمهيد:
اشتمل القرآن الكريم على عدد من المعجزات ،منها: الإخبار عن الأمم السابقة ،وبيان: نواميس الكون ،ونواميس الله في خلقه ،ونواميس الاجتماع البشري ،وأشار إلى طائفة من المعارف والعلوم ،وقدم نموذجا رائعا من الآداب والهداية والتشريع ،وأشار إلى نصر الروم ،وانتشار الإسلام ،ومع هذا طلب الكفار معجزات مادية ؛فبين الله: أن الإعراض عن هداية القرآن ؛هو الضلال الذي يضل الله به من أعرض عنه ،والهداية بالقرآن والاستمساك به ؛هو الهدى الذي يهدي به الله من أناب إليه من المؤمنين .
والمعنى: من أناب إلى الله هم المؤمنون ،الذين استجابوا لداعي الإيمان فآمنوا ،وإذا تلي عليهم القرآن ؛زادهم إيمانا واطمئنانا ؛فقلوبهم تستروح بذكر الله ،وتلاوة القرآن والحديث عن الإيمان .
{ألا بذكر الله تطمئن القلوب} .
بتذكر عظمة الله ،وتلاوة كتابه ،تطمئن القلوب ،ويزول عنها القلق والاضطراب ؛بما يفيضه عليها من نور الإيمان ،وهداية الرحمان ،التي تذهب الهلع والوحشة .
وذكر الله يمكن أن يطلق على: القرآن الكريم ؛فهو ذكر وأعظم ذكر ،فكل حرف منه له ثواب عشر حسنات ،قال تعالى:{وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون} ( الأنبياء:50 ) ،وقال سبحانه:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}( الحجر:9 ) .
ويمكن أن يراد به التسبيح والتحميد والتهليل ،قال تعالى:{والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما}( الأحزاب:35 ) .
ويمكن أن يراد به: ما يشمل القرآن ،والذكر ،وتذكر عظمة الله وجلاله .