الطلاق قبل الدخول
/م221
{ولا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متعا بالمعروف حقا على المحسنين( 236 )}
المفردات:
تمسوهن: المس هنا: الجماع ،
أو تفرضوا : أو هنا بمعنى الواو .
فريضة : المهر .
ومتعوهن : المتعة مقدار مالي تعطاه المطلقة قبل الدخول ،قصد به أن يكون تعويضا لها عما فاتها من زوجها وجبرا لما نالها من انكسار النفس .
الموسع : الغنى .
المقتر: الفقير .
قدره: طاقته .
المعنى الإجمالي:
ولا إثم عليكم أيها الأزواج ولا يحب عليكم المهر إذا طلقتم زوجاتكم قبل الدخول بهن ،وقبل أن تقدروا لهن مهرا ،ولكن أعطوهن عطية من المال يتمتعن بها لتخفيف آلام نفوسهن ،ولتكن عن رضا وطيب خاطر ،وليدفعها الغنى بقدر وسعه ،والفقير بقدر حاله ،وهذه العطية من أعمال البر يلتزمها ذوو المروءات وأهل الخير والإحسان .
التفسير:
{لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تلمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ...}
قال القرطبي:"قوله تعالى:{لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ...} هذا أيضا من أحكام المطلقات ،وهو ابتداء إخبار ،برفع الحرج عن المطلق قبل البناء والجماع ،أو لم يفرض ،ولما نهي رسول اله صلى الله عليه وسلم عن التزوج لمعنى الذوق ،وقضاء الشهوة ،وأمر بالتزوج لطلب العصمة والتماس ثواب الله ،وقصد دوام الصحبة وقع في نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء قد واقع جزءا من هذا المكروه ،فنزلت الآية رافعة للجناح في ذلك ،إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن "( 284 ) .
لقد أثر القرآن الكريم والهدى النبوي أحسن الأثر في نفوس المسلمين وتحرج بعضهم طلاق المرأة قبل الدخول بها ،فنزل هدى السماء يبيح للرجل طلاق المرأة قبل الدخول بها ،إذ تبين له ضرورة ذلك فإنها الحياة الزوجية قبل الدخول أخف وأيسر من إنهائها بعد الدخول .
ثم حثت الآية على المكارمة ،وأوجبت على الرجل أن يمنع مطلقته عطية حسبما يستطيع ،كنوع من أنواع التعويض فقد علقت آمالها عليه ،وحبست نفسها عن الزواج من أجله ،وفي هذه المتعة لون من ألوان الرد والمعذرة .
{ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ...}
ومتعوا المطلقات عندما يجتمع لهن أمران ،عدم الدخول بهن وانتقاء تقدير مهر لهن ،على الغنى ما يقدر عليه وعلى الفقير ما يقدر عليه .
وهذه المتعة واجبة عند كثير من فقهاء السلف ،ومنهم علي ابن أبي طالب وابن عمر ،وسعيد ابن جبير والزهري وغيرهم .
وقال بعض الفقهاء إنها مندوبة .
والآية ظاهرة في الرأي الأول لقوله تعالى:
{متاعا بالمعروف حقا على المحسنين} .
فقد جعله حقا واجبا على المحسنين ،لا ينبغي أن يهملوه .
هذا بالنسبة للمطلقات قبل الدخول بهن ،وقبل أن يقدر لهن المهر ،أما غيرهم من المطلقات فالمتعة مندوبة في حقهن عند الجمهور وقال مالك وأصحابه: المتعة مندوبة في كل مطلقة وإن دخل بها ،إلا في التي لم يدخل بها ،وقد فرض لها ،فحسبها ما فرض لها ،وهو نصف لمهر المسمى ولا متعة لها .
وليس للمتعة حد معروف في الكتاب أو السنة ،ولكنها ما قال الله تعالى:{على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ...}
وقال ابن عمر أدنى ما يجزى في المتعة ثلاثون درهما .
ولعل الأنسب أن يترك تقدير المتعة إلى حال الشخص ،والأمر المتعارف عليه بين الناس ،حيث إنه لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان .
والمعروف كلمة واسعة ،تشمل ما عرف حسنه وما كان مناسبا للشخص ،وما يليق بأمثاله ،وهو أمر يختلف باختلاف الزمان والمكان .
***