فإذا عجزوا عن استجابة هذا التحدي فإن الحجة تكون قد لزمتهم ،ومن إعجاز القرآن تقديره بأنهم سيظلون عاجزين عن ذلك أبدا .
وقد حذرتهم الآية من عذاب جهنم التي تتميز غيظا وتتقد بالناس والحجارة وقد أعدت للكافرين وهيئت لعذابهم .ووقود النار هنا صنفان: الناس والحجارة ،أما الإنسان فلأنه عبد غير الله أو كفر بالله وأشرك به وكذب الشرائع والرسل ولم يتدبر ما أنزله الله عليه .
أما الحجارة فلأنها أظهر ما عبده المشركون ،وقد حشرت في النار لبيان عدم جدوى عبادتهم لها ،قال تعالى: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون . ( الأنبياء98 ) .
إعجاز القرآن:
أورد علماء البيان أنواع الأدلة على إعجاز القرآن ،وفي تفسير المنار بحث مسهب عن أنواع الإعجاز التي اشتمل عليها القرآن ،منها إعجازه بأسلوبه ونظمه ،وبلاغته وفصاحته ،وبما فيه من علم الغيب من ماض وحاضر ومستقبل ،ولسلامته من الاختلاف والتعارض والتناقض .
وباشتماله على العلوم الإلهية ،وأصول العقائد الدينية وأحكام العبادات وقوانين الفضائل والآداب ،وقواعد التشريع السياسي والمدني والاجتماعي ،والموافقة لكل زمان ومكان .ومن إعجاز القرآن عجز القرون التي ارتقت فيها جميع العلوم والفنون ،أن تنقض بناء آية من آياته ،أو تبطل حكما من أحكامه ،أو تكذب خبرا من أخباره .
ومن إعجاز القرآن اشتماله على تحقيق كثير من المسائل العلمية والتاريخية ،التي لم تكن معروفة في عصر نزوله ،ثم عرفت بعد ذلك بما انكشف للباحثين والمحققين ،من طبيعة الكون وتاريخ البشر وسنن الله في الخلق ؟.
ومن قدرة القرآن إبداعه في رسم الحالات النفسية ومشاهد الكون وتجسيم المعنويات وتخير الأسلوب المناسب للفكرة التي يعرضها .
وهكذا تتكشف للناظر في القرآن آفاق وآفاق ،من التناسق والاتساق ،فمن نظم فصيح إلى سرد عذب ،إلى معنى مترابط ،إلى نسق متسلسل إلى لفظ معبر ،إلى تعبير مصور إلى تصوير مشخص ،إلى تخييل مجسم إلى موسيقى داخلية ،إلى اتساق في الأجزاء إلى تناسق في الإطار ،وبهذا كله يتم الإبداع ويتحقق الإعجاز .