المفردات:
يقرض : الإقراض: إعطاء شخص مالا لغيره ليرده إليه بعد حين .
ويبسط : يوسع من يشاء .
المعنى الإجمالي:
والجهاد في سبيل الله يحتاج إلى المال فقدموا أموالكم ،فأي امرئ لا يبذل أمواله لله طيبة بها نفسه ،وقد وعد الله أن يردها عليه مضاعفة أضعافا كثيرة ،والرزق بيد الله فيضيق على من يشاء ويوسع لمن يشاء لما في مصلحتكم ،وإليه مصيركم فيجازيكم على ما بذلتم ،ومع أن الرزق من فضل الله وعنايته وأنه هو الذي يعطي ويمنع ،سمي المنفي مقرضا للحث على الإنفاق والتحبيب فيه ،وتأكيد الجزاء المضاعف في الدنيا والآخرة .
ثم حرضهم على الإنفاق في سبيل الله بأموالهم ،بعد أن أمرهم ببذل أنفسهم فقال:
{من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة}
بهذا الأسلوب الاستفهامي البليغ يدفعنا الله تعالى دفعا إلى المشاركة بالمال ،في الإعداد للقتال إعدادا نرهب به عدو الله وعدو دينه لتكون كلمة الله هي العليا .
وقد صورت الآية إعطاء الباذلة ماله في سبيل الله يبتغي ثوابه بصورة تقديم قرض إلى مقترض ،للإيذان بأن ثوابه محقق ،ولازم لزوم أداء الدين .
وفي الآية لطف من الله إلى عباده ،وتوثيق لثوابه وأنه لزم الأداء تفضلا منه وتحقيقا لوعده الذي لا يختلف ،حيث جعل نعمته التي أنعم بها على عباده إذا أنفقوها في سبيل اله كأنها قرض يقدمونه له سبحانه مباشرة ،مع أنه غني عن عباده ،فهو الذي يقول:{والله الغني وأنتم الفقراء}( محمد: 38 ) .
والمراد بكون القرض حسنا أن يكون حلالا طيبا ومع أن القرض مع الناس يؤدي بمثله فإنه تعالى بين لعباده أن القرض معه يؤد مضاعفا ،إذ قال:{فيضاعفه له أضعافا كثيرة} .عوضا عن هذا القرض الذي قدموه خالصا لله ،وتلك المضاعفة تكون في وقت تشتد فيه حاجتهم إلى هذا الربح الوفير وهو يوم القيامة .
وقد بين الله هذه المضاعفة في أواخر السورة إذ يقول:{مثل الذين ينفقون في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله سميع عليم}( البقرة: 261 ) .
{والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون}
أي يضيق الرزق على بعض ويوسعه على بعض أو يضيقه تارة ويوسعه أخرى ،حسبما تقتضيه الحكمة .
وعلمتم أنه تعالى واهب الأرزاق ،يوسعها ويضيقها كما يشاء وأن ما عندكم هو من بسطه وعطائه ،فأنفقوا مما وسع عليكم ،ولا تبخلوا بما هو من فضله ،فإنه مجازيكم عل إنفاقكم جزءا مضاعفا ،حسبما وعدكم .
* * *