95 - وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ .
حرام: ممتنع .
قرية: أهلها .
أهلكناها: قدرنا هلاكها .
للمفسرين آراء في معنى هذه الآية:
الرأي الأول:
أن لا زائدة في الآية ،وقريب من هذا المعنى قوله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ .( المؤمنون: 99 ،100 ) .
أي: أن من هلك وعذب وعوقب بالخسف أو الزلازل ،أو الموت بأي طريقة كانت ،لا يسمح له بالعودة إلى الدنيا ،فقد أعطى الفرصة كاملة في الدنيا فأضاعها .
قال تعالى: وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ .( الأنعام: 28 ) .
الرأي الثاني:
هو الرد على أن القرى التي عوقبت بالخسف أو الزلازل أو أي نوع من أنواع الهلاك ،لا تقوم للحساب والجزاء يوم القيامة ؛لأن الناس تهلك بسبب غضب الله عليهم ،فهذه عقوبة عامة للجميع ،ثم يحاسبون يوم القيامة بحسب أعمالهم ،فالرؤساء والقادة لهم عقاب أشد من التابعين .
قال تعالى: وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ...( العنكبوت: 13 ) .
وقريب من هؤلاء المنافقون المتلونون قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا .( النساء: 145 ) .
من تفسير ابن كثير:
وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ .
قال ابن عباس: قد قدر أن أهل كل قرية أهلكوا ؛أنهم لا يرجعون إلى الدنيا قبل يوم القيامة .هكذا صرح ابن عباس وأبو جعفر الباقر وقتادة وغير واحد .
وفي رواية عن ابن عباس: أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ .أي: لا يتوبون ،والقول الأول أظهر والله أعلم .
وقال الزمخشري في تفسير الكشاف:
استعير الحرام للممتنع وجوده ،ومنه قوله عز وجل: إن الله حرمهما على الكافرين .( الأعراف: 50 ) .أي: منعهما منهم ،وأبى أن يكونا لهم ،ومعنى: أهلكناها عزمنا على إهلاكها أو قدرنا إهلاكها .
ومعنى الرجوع: الرجوع من الكفر إلى الإسلام والإنابة .
ومجاز الآية: إن قوما عزم الله على إهلاكهم ،غير متصور أن يرجعوا وينيبوا ،إلى أن تقوم القيامة ،فحينئذ يرجعون ويقولون: يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ .( الأنبياء: 97 ) .يعني: أنهم مطبوع على قلوبهم فلا يزالون على كفرهم ويموتون عليه حتى يروا العذاب31 .
وجاء في المنتخب في تفسير القرآن الكريم لوزارة الأوقاف المصرية:
وممتنع على أهل كل قرية أهلكناهم بسبب ظلمهم ،أنهم لا يرجعون إلينا يوم القيامة ،بل لا بد من رجوعهم وحسابهم على سوء أعمالهم .