/م47
ولما نبه سبحانه إلى خداعهم ،وأشار إلى عدم الاغترار بأيمانهم: أمر بترغيبهم مشيرا إلى الإعراض من عقوبتهم بقوله:
54 - قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ...
تولوا: أي: تتولوا ،بحذف إحدى التاءين .
أي: مرهم باتباع كتاب الله وسنة رسوله ،وفي هذا إيماء إلى أن ما أظهروه من الطاعة ليسوا منها في شيء .
ثم أكد الأمر السابق ،وبالغ في إيجاب الامتثال به ،والحمل عليه بالترغيب والترهيب بقوله:
فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ...
أي: فإن تتولوا عن الطاعة بعد أن أمركم الرسول بها ،فما ضررتم الرسول بشيء ،بل ضررتم أنفسكم ،لأنه عليه ما أمر به من تبليغ الرسالة وقد فعل ،وعليكم ما أمرتم به من الطاعة ،فإن أنتم لم تفعلوا وتوليتم فقد عرضتم أنفسكم لسخط الله وعذابه ،وإن أطعتموه فقد خرجتم من الضلال إلى الهدى ،فالنفع والضرر عائدان إليكم .
وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ .
أي: وإن تطيعوا الرسول فيما أمركم به ونهاكم عنه ؛تهتدوا إلى الحق الموصل إلى كل خير ،المنجي من كل شر ،وما الرسول إلا ناصح وهاد ومبلغ لكم ،فإن أطعتموه لحظوظ أنفسكم أصبتم طريق الصواب ،وإن خالفتموه أوقعتم أنفسكم في الهلكة .
والخلاصة: أن الرسول فعل ما يجب عليه من أداء الرسالة ،وقد بقى ما يجب عليكم أن تفعلوه .
ونحو الآية قوله: فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب .( الرعد: 40 ) .وقوله: فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر .( الغاشية: 21 ،22 ) .