/م31
المفردات:
سيء بهم: اعترته المساءة والغم ،خوفا عليهم من قومه .
ضاق بهم ذرعا: عجز عن تدبير شؤونهم ،يقال: طال ذرعه وذراعه على الشيء ،إذا كان قادرا عليه ،وضده: ضاق ذرعه ،لأن طويل الذراع ينال ما لا يناله قصيرها .
التفسير:
33-{ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين} .
وصلت الملائكة إلى قرية لوط في صورة شبان حسان الوجوه ،وقد اغتم لوط واعتراه المساءة ،خوفا على ضيوفه من قومه الذي يرتكبون الفاحشة قسرا مع الضيوف ،وتمنى لوط لو كانت معه قوة أو عصبة من الرجال ،تحميه وتحمي أضيافه ،وتأسف لوط لضيق يده وعدم قدرته على الدفاع عن أضيافه أمام قوم فاسقين ،قد أغرموا بإتيان الذكور في أدبارهم ،وقد أفادت آيات أخرى جدال لوط مع قومه ،وتحريضهم على الزواج بالنساء ،فجماع النساء أطهر وأفضل حيث يكون في مكان الحرث ،وتتم المتعة مشتركة بين الذكر والأنثى ،بل عرض عليهم زواج ابنتيه ،فقال: .
{هؤلاء بناتي هن أطهر لك فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد* قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد* قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد* قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب*فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود* مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد} [ هود: 78-83] .
لقد فصل القرآن ذلك في سورة سابقة ،وكرر هذه القصة للعظة والاعتبار ،ولما شاهدت الملائكة مخايل الضجر على لوط ،وعاينوا تألمه لعجزه عن حماية أضيافه ،ودفع الظلم عنهم طمأنوه:
{وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين}
أخبره الضيوف أنهم ملائكة ،فلا خوف عليهم من قومه ،وأنهم يحملون العذاب لهذه القرية الظالمة ،التي فسد أهلها وغلبت عليهم الشهوات ،فسيخسفون بهم الأرض ،ويمطرون عليهم حجارة من السماء ،وينزلون العذاب بالكافرين ،وستتم نجاة لوط وأهله المؤمنين ،بيد أن امرأته ستهلك مع الهالكين ،لأنها كانت تساعد أهل القرية ،وتفشي أسرار لوط ،وتتمنى لو نجح الكافرون في عمل الفاحشة مع أضياف لوط ،وهذا أمر عجيب من هذه المرأة ،وقد أهلكها الله مع الهالكين ،ولم ينفعها قربها من لوط رسول الله ،لأن عدالة الله قد شملت الإحسان إلى كل محسن ،ومعاقبة كل مسيء .
قال تعالى:{هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [ الرحمان: 60] .
وقال سبحانه:{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره*ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} [ الزلزلة: 7 ،8] .
والخلاصة: أن الملائكة طمأنت لوطا وأخبرته بنجاته مع المؤمنين ،وأن زوجته الكافرة ستهلك مع الهالكين .