135-{والذين إذا فعلوا فاحشة او ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}
المفردات:
فاحشة: الفاحشة كل ما عظم قبحه من الذنوب .
يصروا: يقيموا .
التفسير:
هذه هي الصفة الرابعة من صفات المتقين عطفت على ما قبلها وقوله تعالى:{والله يحب المحسنين} جملة متوسطة بين المعطوف والمعطوف عليه: مشيرة إلى ما بينها من التفاوت في الفضل فإن درجة الأولين من التقوى أعلى وحظهم أوفى .
ويجوز ان يكون:{والذين إذا فعلوا فاحشة} معطوف على{الذين ينفقون في السراء والضراء} فكأنه لما ذكر الصنف الأعلى من المتقين وهم: المتصفون بتلك الأوصاف الجميلة ذكر من دونهم فقال:{والذين إذا فعلوا فاحشة} .
أي أتوا بمعصية تفاقم قبحها وعظم شرها وخطرها .
{أو ظلموا أنفسهم} .
أي جنوا على أنفسهم بارتكاب أي ذنب من الذنوب الكبائر او الصغائر .
{ذكر الله}
أي تذكروا عظمته وجلاله وحقه في ان يعبد ولا يعصى وانه الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات .
فاستغفروا لذنوبهم .عقب تذكرهم لله .
والمراد بالاستغفار: الإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم معاودته ورد المظالم لأصحابها .
أما التوبة بمجرد اللسان توبة الكاذبين .
وفي مثل هذه التوبة الكاذبة يقول بعض العارفين: استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار .
{ومن يغفر الذنوب إلا الله}
أي لا احد يقبل توبة التائبين ويعفو عن العاصين غيره سبحانه .
وفي هذا دعوة إلى الالتجاء إليه وطلب عفوه ومغفرته لانه لا ملجأ ولا منجي منه إلا إليه ولا حيلة للمذنب إلا طلب فضله سبحانه والتماس رحمته .
{ولم يصروا على ما فعلوا} هذا عطف على{فاستغفروا لذنوبهم} .
وجملة:{ومن يغفر الذنوب إلا الله} .متوسطة بين المتعاطفين .
ومعنى:{ولم يصروا على ما فعلوا} أنهم لا يقيمون على معصية من المعاصي كبيرة كانت أم صغيرة بل يرجعون إلى الله ويتوبون إليه من قريب .
وهم يعلمون: أن من تاب الله عليه وان إقامتهم على الذنب ولو كان صغيرا قبح لا يليق بمؤمن لان الصغيرة لا تبقى صغيرة مع الإصرار كما الإصرار على الذنب يتنافى مع الاستغفار .
قال صلى الله عليه وسلم:"ما أصر من استغفر "93 .