وفي ختام السورة وصية جديدة للرسول والمؤمنين بالصبر واليقين بالنصر ليتوافق الختام مع البدء حيث بدئت السورة ببيان هزيمة الروم أمام الفرس وبوعد الله أن ينتصر الروم على الفرس في بضع سنين وأن هذا الوعد لن يتخلف فالله لا يخلف الميعاد ثم يكون الختام مؤيدا لهذا المعنى .
{فاصبر إن وعد الله حق لا يستخلفنك الذين لا يوقنون .}
المفردات:
لا يستخفنك : لا يحملنك على الخفة والقلق .
لا يوقنون : لا يصدقون بالبعث ولا يؤمنون بالله ورسوله إيمانا حقا .
التفسير:
أي اصبر يا محمد على أداء رسالتك ،وتبليغ دعوتك أنت ومن معك من المؤمنين متحملين الشكوك من الكافرين والعقبات من المشركين .
{ولا يستخلفنك الذين لا يوقنون .}
أي: لا يحملنك على الخفة والقلق الذين لا يوقنون بوعد الله فهم في شك منه وقلق وحيرة لأن قلوبهم محجوبة عن الإيمان بالله واليقين بما عنده .
إن الله تعالى منجزلك وعده بالنصر والتوفيق ، فلا يتسرب إليك القلق أو الشك أو الخفة ، من تكذيبهم بالآيات ، وإنكارهم لها ومكرهم فيها ، فان العاقبة للمتقين ، ولمن اعتصم بما جئت به من المؤمنين ، وفي هذا إرشاد للنبي صلى الله عليه وسلم وتعليم له ، بأن يتلقى المكاره بصدر رحب ، وسعة حلم .
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي: أن رجلا من الخوارج نادى عليا وهو في صلاة الفجر فقال:{ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} .( الزمر: 65 ) فأجابه وهو في الصلاة: فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخلفنك الذين لا يوقنون .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .