{وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير}
المفردات:
يصطرخون: يستغيثون في النار بصوت عال ،والصراخ: الصوت المرتفع المصحوب بالتعب والمشقة ،ويستعمل كثيرا في العويل والاستغاثة وأصله يصترخون فأبدلت التاء طاء .
نعمركم: من التعمير بمعنى الإبقاء والإمهال في الحياة الدنيا إلى الوقت الذي كانيمكنهم فيه الإقلاع عن الكفر إلى الإيمان .
ما يتذكر فيه: ألم نعطكم من الوقت الذي كنتم تتمكنون فيه من التذكر والاعتبار .
من تذكر: متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه .
النذير: الرسول أو المشيب أو العقل أو موت الأقارب أو كل أولئك .
التفسير:
تصف الآية ألوان العذاب والهوان والنكال الذي يتعرض له أهل النار فهم يصرخون ويستغيثون بصوت مرتفع حيث يشتد عويلهم وصراخهم واستغاثتهم يقولون: يا ربنا أخرجنا من هذا العذاب الشديد وأرجعنا إلى الدنيا لنعمل عملا صالحا نتدارك به الأعمال الكاسدة التي كنا نعملها في الدنيا .
{أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير ...} أو لم نعكم عمرا طويلا كافيا
لأن يتعظ ويتذكر فيه من أراد التذكر والاعتبار وجاءتكم الرسل أو الشيب أو موت الأقران أو وجوب استخدام العقل الفكر واللب في أن وراء هذا الكون البديع إلها خالقا واحدا بيده الخلق والأمر .
قال ابن كثير: أي: أو ما عشتم في الدنيا أعمارا لو كنتم ممن ينتفع بالحق لا تنفعهم به في مدة عمركم ؟
وقد اختلف المفسرون في مقدار العمر المراد ههنا:
فقال زين العابدين: إنه مقدار سبع عشرة سنة .
وقال قتادة: اعلموا أن طول العمر حجة ،فنعوذ بالله أن نغير بطول العمل وقد نزلت هذه الآية وإن فيهم لابن ثماني عشرة سنة .
وقال وهب بن منبه: عشرين سنة .
وقال الحسن: أربعين سنة .
وقال مجاهد عن ابن عباس:ستين سنة وهذا أصح اٍلآراء .
أخرج الإمام أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم"أعذر الله تعالى إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة ". xix
{فذوقوا فما للظالمين من نصير ...} فذوقوا ونالوا عذاب جهنم لأنه معد للظالمين أمثالكم وليس لكم ناصر ولا معين جزاء ظلمكم وكفركم بالله ورسوله .