/م63
المفردات:
نختم على أفواههم: نمنعها من الكلام .
وتكلمنا أيديهم: كلام دلالة أو نطق .
التفسير:
65{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .
في ذلك اليوم ينكر الكفار كفرهم وجرائمهم التي فعلوها في الدنيا ،فيختم الله على أفواههم فلا تنطق ،ويأمر الجوارح أن تشهد عليهم بما اجترحوه من المعاصي ،فتنطق اليد وترشد إلى المعاصي التي ارتكبتها ،وتنطق الرِّجل وتشهد بالمعاصي التي اجترحتها وفعلتها .
قال المفسرون:
وشهادة الأيدي والأرجل عليهم دلالتها على أفعالها ،وظهور آثار معاصيها عليها .
وقيل: ذلك على الحقيقة ،بأن ينطقها الله فتتكلَّم وتشهد ،ويؤيد ذلك ما ورد في القرآن الكريم والسنّة الصحيحة .
قال تعالى:{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [ النور: 24 ،25] .
وقال تعالى:{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [ فصلت: 1921] .
وفي كتب السنة النبوية ما يفيد أن الله يضع كَنَفَهُ على المؤمن ويذكّره بذنوبه التي فعلها في الدنيا ،فيعترف بها لربّه ،ولا ينكر منها شيئا ،فيقول له الله: لقد سترتها عليك في الدنيا ،وأنا أغفرها لك اليوم ،وأما الكافر فينكر أنه فعل شيئا من الذنوب ،فتنطق جوارحه عليه ،وتفضحه جوارحه على رؤوس الأشهاد .
روى ابن أبي حاتم ،والإمام مسلم ،والنسائي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ،فضحك حتى بدت نواجذه ،ثم قال صلى الله عليه وسلم:"أتدرون مم أضحك ؟ "قلنا: الله ورسوله أعلم ،قال صلى الله عليه وسلم: "من مجادلة العبد ربه يوم القيامة ،يقول: ربّ ألم تجردني من الظلم ؟فيقول: بلى فيقول: لا أجيز عليّ إلا شاهدا من نفسي ،فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ،وبالكرام الكاتبين شهودا ،فيختم الله على فيه ،ويقال لأركانه: انطقي ،فتنطق بعمله ،ثم يخلّى بينه وبين الكلام فيقول: بُعْدا لكنّ وسحقا ،فعنكنّ كنت أناضل "26
وخلاصة معنى الآية:
اليوم نغطِّي على أفواههم فلا تنطق ،وتكلمنا أيديهم ،وتنطق أرجلهم شاهدة عليهم بما كانوا يعملون .وجاء في حاشية الجمل على الجلالين ما يأتي:
قال الكرخي: أسند سبحانه فعل الختم إلى نفسه ،وأسند الكلام والشهادة إلى الأيدي والأرجل ،لئلا يكون فيه احتمال أن ذلك منهم كان جبرا ،أو قهرا ،والإقرار مع الإجبار غير مقبول ،فقال:{وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم ...} أي باختيارها ،بعد إقرار الله لها على الكلام ليكون أدل على صدور الذنب منهم . ا ه .