/م50
59-{إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} .
ورد أن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة ،وأن أهل النار إذا دخلوا النار ،نادى مناد من قبل الله تعالى: يا أهل الجنة خلود بلا موت ،ويا أهل النار خلود بلا موت ،وهذا معلوم ،لكن إذا كان أهل الجنة في نعيم مقيم لا حدود له ،فإنهم يتحدثون هنا عن نعمة الله عليهم ،وتفضله عليهم بالنعم أو يتساءلون تساؤل العارف ليزداد يقينا ،وهم هنا في نعيم ويريدون أن يتأكدوا أن هذا النعيم لا ينفد ،وأن الموت لن يدركهم ،وأن العذاب لن يصيبهم ،يتحدثون بذلك عرفانا لله وشكرا ،أو سؤالا للملائكة ليزدادوا يقينا ،أو يتحدثون مع بعضهم تلذذا وعرفانا لله بالفضل والمنّة .
وقريب من ذلك ما شاهدناه من دعاء زكريا لله أن يرزقه بولد ،فلما بشرته الملائكة تساءل وقال:{أن يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر ...}[ آل عمران: 40] .
ومعنى الآية:
{إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين} .
أي: أيكرمنا الله بالخلود في الجنة وعدم الموت ؟لكننا ذقنا الموتة الأولى في الدنيا ،ولن يتكرر الموت في الجنة ،ولن يصيبنا العذاب مثل أهل النار ،فنحن في نعيم دائم وسرور دائم ،وبُعد عن العذاب .
قال ابن كثير: هذا من كلام المؤمن ،مغبطا نفسه ،بما أعطاه الله تعالى من الخلد في الجنة ،والإقامة في دار الكرامة ،بلا موت فيها ولا عذاب .