التفسير:
162_لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ{[154]} فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ ...
بعد أن حكي القرآن مخازي اليهود في آيات سابقة وسجل عليهم أسئلتهم المتعنتة وسوء أدبهم مع الله وعبادتهم العجل ،وعصيانهم لأوامر الله ونواهيه ونقضهم للعهود والمواثيق وكفرهم بآيات الله ،وقتلهم الأنبياء بغير حق ،وقولهم: قلوبنا غلف ،وبهتهم لمريم القانتة العابدة الطاهرة ،وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ...
تأتي هذه الآية رقم 162 من سورة النساء ؛لتحق الحق وتمدح الراسخين في العلم منهم مدحا عظيما ،وتبشرهم بالأجر الجزيل .
سبب النزول:
أخرج البيهقي في الدلائل عن عبد الله بن عباس ان هذه الآية نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب إيمانا صادقا: كعبد الله بن سلام وأسد بن عبيد ،وثعلبة بن سعته ،وأسد بن سعيه وغيرهم .
ومعنى الآية:
لقد كفر عامة اليهود بما أنزل عليهم لجهلهم وعنادهم وكبرهم ،لكن الثابتون في العلم منهم ،والصادقون في الإيمان بكتابهم ،كعبد الله بن سلام وغيره من علمائهم ،يؤمنون بما أنزل الله إليك من القرآن ،وبما أنزل من قبلك من الكتب التي جاء بها الأنبياء والمرسلون ،وليسوا متعصبين لدينهم بالباطل كسائر بني قومهم .
وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ{[155]} وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِر . ِ هذه بقية أوصاف المؤمنين من علماء أهل الكتاب فقد وصفوا بالصفات الآتية:
1- الرسوخ في العلم .
2- الإيمان الكامل بما أوحاه الله إلى أنبيائه من كتب وهدايات .
3- إقامة الصلاة .
4- إيتاء الزكاة .
5- الإيمان بالله وباليوم الآخر وبما فيه من حساب وجزاء .
أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا .أي: ألئك العلماء الراسخون في العلم من أهل الكتاب ، الذين حفزهم رسوخهم في العلم على الإيمان بما أنزل إليك ،وما أنزل على سائر المرسلين ،وحفزهم أيضا على إقامة الصلاة ،وإيتاء الزكاة ،والإيمان بالله واليوم الآخر- هؤلاء العلماء سنؤتيهم في الآخرة أجرا عظيما ،بخلاف من عداهم ممن أصروا على الكفر ،واستحقوا أن يعد الله لهم عذابا عظيما .