/م23
المفردات:
وليدع ربه: فيه عدم المبالاة بدعاء موسى ربه ،ولعله تجلُّد ظاهري ،بينما يرتعد في الباطن من دعاء موسى لربه .
أن يبدل دينكم: أن يغير عبادتكم لي بعبادتكم لغيري .
الفساد: القتل وإثارة الفتن والتحارب وإفساد الدنيا .
التفسير:
26-{وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} .
كان فرعون إذا همّ بقتل موسى ،قال له مستشاروه: لا تعبأ به ،ما هو إلا ساحر يبطل عمله بعض السحرة ،وقالوا له: إذا قتلته أدخلت الشبهة على الناس ،حيث يقولون: لابد أن موسى على الحق ،وإن فرعون قد عجز عن معارضته بالحجة .
ولعل فرعون كان يحسُّ أن موسى على الحق ،وما هو بساحر ،ولكنه كان يخاف إن همّ بقتله أن يعاجل بالهلاك .
وهذا الفرعون الذي يرتعد من قتل موسى ،يتظاهر بالثبات وعدم الخوف ،فيقول للملأ من قومه: دعوني أقتل موسى ،وليدع ربه ليخلّصه مني إن كان إلها حقا .
ثم يذكر أسباب قتله فيقول:
{إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} .
ولما كان الدين أهم عند الناس من الدنيا ،فقد أَلِفُوا ديانة معينة ،تلقنوها صغارا ،ومارسوها كبارا ،فعزف فرعون على أوتار ديانتهم فقال: إني أخاف أن يبدّل دينكم الذي أنتم عليه ،بديانة يدعو هو إليها ،أو يفسد دنياكم بالفتنة والصراع بين أتباع دينه وإتباع دينكم ،وهكذا يحتال الطغاة لأحكامهم ،بأن هدفهم الصالح العام ،والحرص على المصلحة العامة ،والأمر في حقيقته هو الخوف من الهداة والدعاة والمصلحين والحرص على سلامة العرش والملك .