/م44
المفردات:
يعرضون عليها: على النار .
خاشعين من الذل: خاضعين متضائلين بسبب الذل .
ينظرون من طرف خفي: ينظرون إلى النار مسارقة خوفا منها ،كما ينظر المحكوم عليه لآلة التنفيذ .
الذين خسروا أنفسهم: بالتعرض للعذاب الخالد .
وأهليهم: وخسروا أهليهم بالتفريق بينهم .
مقيم: سرمدي دائم .
التفسير:
45-{وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين في عذاب مقيم} .
وترى هؤلاء الظالمين يعرضون على النار أذلاء مقهورين متضائلين ،خاشعين خاضعين بسبب الذل والمهانة ،لا بسبب التواضع والكرامة ،ينظرون إلى النار بعين غضيضة مقفلة إلا قليلا ،بسبب الحذر والرهبة ،كما ينظر من حكم عليه بالإعدام إلى آلة التنفيذ ،لقد انهار كل أمل ،وظهر الظالمون المتكبرون في الدنيا أذلاء متضعضعين ،لا تقوى عيونهم على استكمال فتحتها ،بل ينظرون بطرف غضيض ،والعرب تعبر بالطرف الغضيض كناية عن الذل والمهانة .
قال الشاعر:
فغض الطرف إنك من نمير *** فلا كعبا بلغت ولا كلابا
لقد انحط أمر الظالمين ،وارتفع شأن المؤمنين ،وأصبحت المنزلة العليا لهم ،عندئذ قال المؤمنون: إن الخاسرين حقا هم الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والظلم ،فألقى بهم في النار وفقدوا متعتهم وحرموا نعيمهم ،فخسروا بذلك أنفسهم ،وحيل بينهم وبين أزواجهم وأولادهم وأحبابهم بسبب انشغال كل واحد من هؤلاء بنفسه ،ثم يعلن معلن من قبل الحق سبحانه:{ألا إن الظالمين في عذاب مقيم} .فهم خالدون في النار خلودا أبديا سرمديا ،فما أعظم شقاءهم بالخلود في جهنم .