/م15
المفردات:
يخرصون: يكذبون .
التفسير:
20-{وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون} .
ذكرنا أن هؤلاء الكفار أخطأوا خطأ مركبا:
( أ ) فقد جعلوا لله ولدا .
( ب ) واختاروا له الصنف الأضعف .
( ج ) وجعلوا الملائكة -وهم عباد مكرمون ،لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون- جعلوهم إناثا .
( د ) وادعوا كذبا أن الله أراد منهم ذلك ،ولو شاء لمنعهم من عبادتهم .
وقد كان العرب يصورون الأصنام ،التي هي على صور الملائكة ،ويدعون أنها بنات الله ،ويدعون أن الله عالم بذلك ،وهو يقرهم على هذا العمل ولو شاء لمنعهم .
فجمعوا بين أنواع كثيرة من الخطأ ،ذلك أن الله أرسل الرسل ،وأنزل الكتب ،وأرشد البشرية إلى عبادته وحده سبحانه لا شريك له .
قال تعالى:{وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} .( الأنبياء: 25 ) .
وقد أعطى الله كل إنسان العقل والإرادة والاختيار ،وجعل سلوكه سببا في تحمله المسئولية يوم القيامة ،فلا يجوز إلقاء المسؤولية على مشيئة الله تعالى .
وقريب من ذلك قوله سبحانه تعالى:{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ( 28 ) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ( 29 ) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ( 30 )} .( الأعراف: 28-30 ) .
وقال تعالى في هذه الآية:
{ما لهم بذلك من علم ...}
ليس لهم في قولهم دليل ولا برهان ولا معرفة ،بما ينبغي لجلال الله وقدره ،من عبادته وحده لا شريك له .
{إن هم إلا يخرصون} .
ما هم إلا كاذبون فيما قالوا ،متمحلون تمحلا باطلا ،متقولون على الله ما لم يقله .
قال القرطبي في تفسير الآية:
{وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم ...}
وهذا منهم كلمة حق أريد بها باطل ،فكل شيء بإرادة الله ،والمشيئة غير الرضا ،ولا يصح الاحتجاج بالمشيئة ،فإنهم لو عبدوا الله بدل الأصنام ،لعلمنا أن الله أراد منهم ذلك .اه .
وقال الشوكاني في تفسير الآية:
{وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم ...}
معناه أن الكفار قالوا: لو شاء الرحمان في زعمكم أيها المؤمنون ،ما عبدنا هذه الملائكة ،وهذا كلام حق يراد به باطل ،لأنهم يريدون بذلك أن الله راض عن عبادتهم للأصنام .
{ما لهم بذلك من علم ...}
وزعموا أنه إذا شاء فقد رضى .
{إن هم إلا يخرصون} .
أي: ما هم إلا يكذبون فيما قالوا ،ويتمحلون تمحلا باطلا ،فإن الله خلق المؤمن والكافر ،وهو يحب المؤمن ،ويبغض الكافر ،والله يأمر بالحق والإيمان والخير ،ولا يرضى لعباده الكفر .