التفسير:
119- قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم .في هذا الموقف العظيم يتبرأ عيسى ممن اتخذه إلها ،ويفوض الأمر إلى الله تعالى .
وفي هذا المشهد نجد قول الحق سبحانه إن هذا اليوم يوم الجزاء يوم يأخذ الصادق في الدنيا جزاء صدقه بنعيم لا يحد في جنة تجري من تحتها الأنهار .هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم .إنها كلمة رب العالمين في ختام الاستجواب الهائل على مشهد من العالمين وهي الكلمة الأخيرة في المشهد .
جاء في التفسير الوسيط للدكتور محمد سيد طنطاوي:
والمراد باليوم في قوله: هذا يوم ...يوم القيامة الذي تجازى فيه كل نفس بما كسبت ،وقد قرأ الجمهور برفع يوم من غير تنوين على أنه خبر لاسم الإشارة ،أي قال الله تعالى ،إن هذا اليوم هو اليوم الذي ينتفع الصادقون فيه بصدقهم في إيمانهم وأعمالهم ،لأنه يوم الجزاء والعطاء على ما قدموا من خيرات في دنياهم .
أي إن صدقهم في الدنيا ينفعهم يوم القيامة ( 49 ) .
لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم .أي إن لهم هذا النعيم الجثماني في الجنات ،وما يتبعها من عيشة هنية ،ولهم نعيم روحاني متمثل في تكريم الله لهم ورضاه عنهم ورضاهم عنه بما جازاهم به مما لم يخطر لهم على بال ،ولا تتصوره عقولهم .
ذلك الفوز العظيم .أي ذلك الانتفاع الحسي والمعنوي هو الظفر بالمطلوب على أتم الأحوال .
قال الفخر الرازي: اعلم أنه تعالى لما أخبر أن صدق الصادقين في الدنيا ينفعهم في القيامة ،شرح كيفية ذلك النفع وهو الثواب ،وحقيقة الثواب: انها منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظيم ،فقوله: لهم جنات تجري من تحتها الأنهار .إشارة إلى المنفعة الخالصة عن الغموم والهموم ،وقوله: خالدين فيها أبدا .إشارة إلى الدوام واعتبر هذه الدقيقة: فإنه أينما ذكر الثواب قال: خالدين فيها أبدا .وأينما ذكر العقاب للفساق من أهل الإيمان ،ذكر لفظ الخلود و لم يذكر معه التأبيد ،وأما قوله: رضي الله عنهم ورضوا عنه .فتحته أسرار عجيبة لا تسمح الأقلام بمثلها ،جعلنا الله من أهلها ( 50 ) .