/م18
المفردات:
ريحا صرصرا: باردة أشد البرد ،يقال: ريح صرّ وصرصر أي: شديدة الصوت ،أو الباردة .
النّحس: الشؤم على عاد حتى أهلكهم .
مستمر: دائم شؤمه حتى أهلكهم .
التفسير:
19-{إنّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} .
أرسلنا عليهم ريحا باردة شديدة الصوت .
قال ابن كثير:
قيل: باردة ،وقيل: شديدة الصوت ،والحق أنها متصفة بجميع ذلك ،فقد كانت ريحا شديدة قوية ،وكانت باردة شديدة البرد ،وكانت ذات صوت مزعج . أ . ه .
أي: جمعت الهلاك والإبادة والتدمير ،في يوم شؤم على هؤلاء المعتدين مستمر ،حيث اتصل عذابهم في الدنيا بعذابهم في الآخرة ،وقد نهينا في السنة المطهرة عن التشاؤم من أمر بعينه ،أو يوم بعينه وإنما الأيام والليالي كلها سواء ،لذا كان التشاؤم بالعدد ( 13 ) غير صحيح شرعا ودينا .
روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ،وفرّ من المجذوم فرارك من الأسد "vi .
أي أن العدوى لا تقع إلا بإذن الله ،ولا يجوز التطيّر أو التشاؤم من شيء ،فإذا رأى الإنسان شيئا يتشاءم منه ،يقول:"اللهم لايأتي بالخير إلا أنت ،ولا يُذهب السوء إلا أنت ،اللهم اكفني السوء بما شئت وكيف شئت ،إنك على ما تشاء قدير "vii .ثم يمضي في عمله ولا يتراجع عنه .
( ولا هامة ) كانت العرب تعتقد أن روح القتيل تتقمّص طائرا يسمى الصَّدى وتصيح بالليل تقول: ( اسقوني من دم قاتلي ) ،فإذا أخذ بثأره هدأ القتيل واستقرت روحه ،وهذه خرافة لا أصل لها ،وكانت تدفعهم للأخذ بالثأر ،فقال صلى الله عليه وسلم:"لا هامة ".
( ولا صفر ) قد حرّم الله القتال في شهر المحرم ،وكان العرب إذا احتاجوا إلى الحرب في المحرم ،قام كبيرهم ،فقال: إني أحللت لكم القتال في المحرم ،ونقلت تحريمه إلى شهر صفر ،فقال صلى الله عليه وسلم:"ولا صفر "،أي: لا يجوز تحريم القتال في شهر صفر ،بل يجب الإبقاء على جعل المحرم هو الشهر الحرام بنفسه دون غيره .
وفي آخر الحديث نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى الابتعاد عن الاختلاط بأصحاب الأمراض المعدية ،فكما تفرّ من الأسد المفترس ،ينبغي أن تفرَّ من المريض بالجُذام ،ويقاس عليه كل مرض مُعد .