{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ( 161 ) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كانوا يَظْلِمُونَ ( 162 )}:
المفردات:
هذه القرية: هي بيت المقدس أو أريحاء – على ما قيل .
وقولوا حطة: من الحط وهو الوضع والطرح ،والمراد بها: أن يطلبوا حط ذنوبهم وطرحها عنهم بغفران الله لهم .
وادخلوا الباب سجدا: وادخلوا باب القرية التي أمرتم بدخولها خاشعين لله ؛شكرا له على تمكينكم من دخولها .
التفسير:
{161 - وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} .
يعدد الله طائفة من النعم التي أنعم بها على بني إسرائيل ،فقد أكرمهم في التيه ،حيث أنزل لهم المن والسلوى ،وفجر لهم ينابيع الماء ،وأظلهم بالغمام من حر الشمس ،وبعد أن مكثوا في صحراء التيه أربعين سنة ،قادهم يوشع بن نون ،وأخرجهم من الصحراء إلى العمران ،والقرية تطلق أيضا على المدينة ،ولعلها عاصمة لما حولها من القرى أو منازل الأعراب ،ومن بفتح العاصمة يستطيع السيطرة على ما حولها وما يتبعها من القرى الصغيرة أو مساكن البدو .
والمعنى: واذكروا أيها المعاصرون للعهد النبوي من بني إسرائيل ،وقت أن قيل لأسلافكم: اسكنوا قرية بيت المقدس أو"أريحا "بعد خروجهم من التيه ،وقيل لهم كذلك: كلوا من خيراتها أكلا واسعا كثيرا ؛من أي مكان شئتم ؛وينبغي أن تشكروا الله كثيرا ،على هذا النصر المؤزر على أعدائكم ،فلا تدخلوا مغرورين ولا متبطرين ،بل ادخلوا متواضعين مستغفرين ،واسألوا الله يحط عنكم سيئاتكم ،وأن يغفرها لكم ،وادخلوا أيضا من باب القرية خاضعين شكرا لله تعالى ،فإنكم إن فعلتم ذلك قبلنا دعائكم وزدناكم نعما وفضلا .
الآيات 21 – 26 من سورة المائدة
يتصل بهذه الآية ومضمون ما اشتملت عليه آيات سابقة في سورة البقرة ،هي الآية 58 ،59 من سورة البقرة .
وكذلك الآيات 21 – 26 من سورة المائدة .
أما آيات سورة البقرة ففيها قوله تعالى:
{وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم و سنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون} . ( البقرة: 57 ،59 ) .
آيات المائدة
وتفيد آيات سورة المائدة جبن بني إسرائيل وتقاعسهم عن الجهاد ،وخوفهم من المشركين سكان بيت المقدس ،فقد رغبوا أن يجلسوا بعيدا ،حتى يخرج أهل بيت المقدس تطوعا فإذا خرجوا دخل اليهود بدون تعب أو مشقة .
وقد تطوع رجلان بنصحهم ،وتوجيههم إلى الجهاد ،فإذا دخلوا من باب المدينة مجاهدين مخلصين انتصروا على عدوهم ،لكن اليهود تقاعسوا عن ذلك ،واستغاث موسى بالله أن ينقذه من هؤلاء المتقاعسين ،فحرم الله عليهم دخول بيت المقدس أربعين سنة ؛عقابا لهم .
نص الآيات
{يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إن فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وإنا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإنا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلان مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أنعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإنكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُواْ يَا مُوسَى إنا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إنا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إني لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} . ( المائدة: 21 – 26 ) .
ولما انتهت مدة التيه ،دعاهم يوشع بن نون لقتال الجبارين بعد وفاة موسى"على الراجح "فاستجابوا له فنصرهم الله تعالى .