المفردات:
رجزا: أي: عذابا .
التفسير:
{162 – فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون} .
طلب الله من بني إسرائيل الاعتراف لله تعالى بالفضل ،والسجود لله تعالى بعد النصر ،ولكنهم خالفوا ذلك .
فدخلوا متكبرين يزحفون على إستاهم رافعين رءوسهم ،ولم يطلبوا من الله مغفرة ذنوبهم ،بل بدلوا ذلك بأقوال أخرى ليس فيها مضمون الشكر ولا مضمون التواضع .
فأرسل الله عليهم عذابا شديدا من السماء ،والرجز: هو العذاب الذي تضطرب له القلوب ،أو يضطرب له الناس في شئونهم ومعايشهم .
{بما كانوا يظلمون} .
أي: بسبب ظلمهم وعنادهم وعتوهم ؛عاقبناهم بالعذاب .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يشكر ربه كثيرا عقب النصر والفتح ،فعندما دخل مكة فاتحا منتصرا انحنى على راحلته حتى أوشك أن يسجد عليها ،وهو يقول: تائبون حامدون آيبون لربنا شاكرون ،ثم دخل البيت الحرام فصلى ركعتين ثم طعن الأصنام بقضيب في يده وهو يقول:"جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا "45 .
وذكر بعض الفقهاء أن رسول الله صلى الله عليه سلم صلى ثماني ركعات بعد فتح مكة ،وهي صلاة الفتح .
ومن هنا استحب العلماء للفاتحين من المسلمين إذا فتحوا بلدة ؛أن يصلوا فيها ثماني ركعات عند أول دخولها ؛شكرا لله على نعمة الفتح ،وقد فعل ذلك سعد بن أبي وقاص ،عندما دخل إيوان كسرى ،فقد ثبت أنه صلى بداخله ثماني ركعات .
لكن إسرائيل بعد النصر ودخول بيت المقدس ،خالفوا أمر الله ،وقالوا كلاما لا يحمل معنى الشكر .
قال الزمخشري: أي: وضعوا مكان حطة قولا غيرها ،يعني: أمروا بقول معناه التوبة والاستغفار ،فخالفوه إلى قول ليس معناه معنى ما أمروا به ،ولم يتمثلوا أمر الله ،وليس الغرض أنهم أمروا بلفظ بعينه ،وهو لفظ الحطة ،فجاءوا بلفظ آخر لأنهم لو جاءوا بلفظ آخر مستقل بمعنى ما أمروا به ؛لم يؤخذوا به ،كما لو قالوا مكان حطة ،نستغفرك ونتوب إليك ،أو اللهم اعف عنا ،وما أشبه ذلك .
وقال ابن كثير:"وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق ،أنهم بدلوا أمر الله من الخضوع بالقول والفعل ،فقد أمروا أن يدخلوا الباب سجدا ،فدخلوا يزحفون على إستاهم رافعي رءوسهم ،وأمروا أن يقولوا: حطة – أي: احطط عنا ذنوبنا – فاستهزءوا وقالوا: حنطة في شعيرة ،وهذا في غاية ما يكون في المخالفة والمعاندة ،ولهذا أنزل الله بهم بأسه وعذابه بفسقهم وخروجهم عن طاعته . ا ه ."