5- وأنّا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا .
ظننا أن أحدا من الإنس أو الجن لا يجرؤ على أن يكذب على الله الجليل العظيم ،فلما سمعنا القرآن ينزّه الله الواحد الأحد عن الشريك وعن الصاحبة والولد ،تيقنّا بصدق القرآن ،وبافتراء وكذب من ادعى أن لله صاحبة أو ولدا أو شريكا ،حيث كان السفهاء يروّجون أن الله تزوج من سراة الجن ،فأنجبت له الملائكة ،وادعوا أن الملائكة بنات الله ،وأن لله زوجة من الجن ،وكل هذه المفتريات أدركوا كذبها بعد سماع القرآن ،ووصول الإيمان إلى قلوبهم ،فأدركوا على الفور كذب هذا السّفه ،وهكذا الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب ،وكأن هذه الآية نداء جهير لأهل مكة ،يقول لهم: أما تشاهدون أن الجن سمع القرآن مرة واحدة ،فاهتدى وآمن وصدّق بالله ربّا ،وبالإسلام دينا ،وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّا ورسولا ،وبالقرآن كتابا سماويا منزلا ،من عند الله على رسوله ،هاديا إلى الرشد والحق ،وأنتم تسمعون القرآن منذ الجهر بالدعوة ،وتعرضون عن هدايته ،فما أقسى قلوبكم ،وما أبعدكم عن الهدى .