{وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ( 61 ) وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ( 62 ) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 63 )}
المفردات:
جنحوا للسلم: مالوا إلى المسالمة الصلح .
فاجنح لها: فمل إليها .
التفسير:
61 –{وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
بعد ما أمر الله تعالى بالاستعداد للحرب .ولا يمنع الحرب مثل الاستعداد لها – ذكر هنا حكم ما إذا طلب الأعداء الصلح ،ومالوا إلى السلم .
قال الزمخشري: السلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب .
قال العباس بن مرداس:
السلم تأخذ منها ما رضيت به والحرب يكفيك في أنفاسها جرع
فالآيات مرتبطة بالآيات السابقة .
والمعنى: عليك أيها الرسول الكريم ،أن تنكل في الحرب بأولئك الكافرين ؛المناقضين لعهودهم في كل مرة ،وأن تهيئ لهم ما استطعت من قوة لإرهابهم .
فإن مالوا بعد ذلك إلى المسالمة والمصالحة ،وطلبوا عقد الهدنة ؛فأعطهم ما طلبوا ،وعاهدهم على السلام والمصالحة ،وتوكل على الله ،وفوض أمرك إليه ؛فهو وحده الذي يستطيع أن ينصرك ،ويحفظك من خيانتهم ،على أن يقترن ذلك بالحذر منهم .
{إنه هو السميع} .لأقوالهم{العليم} .بأفعالهم ؛فيؤاخذهم بما يستحقون ويرد كيدهم في نحرهم .
قال الزمخشري في تفسير الكشاف:
والأمر في الآية موقوف على ما يرى فيه الإمام صلاح الإسلام وأهله ،من حرب أو صلح ،وليس بختم أن يقاتلوا أبدا ،أو يجابوا إلى الهدنة أبدا .
وهذه الآية أصل عظيم من أصول الإسلام ،فهو دين سلام لا حرب .
فالله اسمه السلام ،والجنة اسمها دار السلام ،والقرآن نزل في موكب من السلام ،والمؤمن بعد الصلاة يبدأ الدنيا كلها بالسلام ،والمسلم لا يرفض دعوة السلام وقد حارب المسلمون مضطرين ؛لردع العدوان ،ولتمكين الضعفاء والنساء واليتامى والصغار من حرية الاختيار ،ولإزالة طواغيت الكفر والشرك .
قال تعالى:{ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} . ( الشورى: 41 ) .
وقال سبحانه:{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير * الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ....}( الحج: 39 ،40 ) .