يتجه الخطاب هنا إلى المؤمنين خاصة ،وليبيّن الله لهم ما حرم عليهم بعد أن طلب إليهم أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم .وكان الناس قبل الإسلام فِرقا: فمنهم من حرم على نفسه أشياء معينة من الحيوان ،وبعض أهل الأديان السابقة يتقربون إلى الله بتعذيب أنفسهم ،وتحريم بعض المأكولات ،واحتقار الجسد ،وغير ذلك من ألوان التحريم الذي كان من عند أنفسهم ،ومن وضع رؤسائهم .
وقد جعل الله تعالى هذه الأمة وسطاً تعطي الجسد حقه ،والروح حقها .فأباح أن نتمتع بما طاب كسبه من الحلال ولا نمتنع عنه تديُّناً ولا تعذيباً للنفس ،ولا نحرم بعضا ونحلل بعضا ،تقليداً للرؤساء والحاكمين ،فقال: يا أيها الذين آمنوا أبيحَ لكم أن تأكلوا من الطعام الطيب ،فاشكروا الله على ما أولاكم من نعمة التمكين من الطيبات ،ومن نعمة الطاعة والامتثال لأمره إن كنتم تعبدونه حقا .