الفئة: الجماعة .
أركسهم: ردهم إلى حكم الكفرة ،وأصل الرَّكس رد الشيء مقلوباً .
هذه أحكام في معاملة المسلمين لغيرهم ،وهي بعض القواعد التي أنشأها الإسلام لأول مرة في تاريخ البشرية وفي مجال المعاملات الدولية .وبفضْلها يُقيم المجتمع المسلم علاقاته مع غيره من المجتمعات الأخرى على أساس العدالة .وقد وردت هذه القواعد متفرقة في سورة القرآن الكريم ،فحرص عليها المسلمون وطبقوها .
أما غير المسلمين فإنهم بدأوا في سَنِّ القانون الدولي في القرن السابع عشر الميلادي ،أي بعد نزول القرآن بعشرة قرون .ومن المؤسف أن كانت جميع القوانين التي سُنّت والمنظمات التي أوجبت مجردَ أدواتٍ تختفي وراءها الأطماع الدولية ،لا أجهزة لإحقاق الحق .وأكبرُ شاهد على ذلك الآن هي المنظمة الدولية الكبرى «هيئة الأمم » ،فإنها لم تحلّ أية قضية ،ولم ترعَ حقاً من حقوق الأمم المهضومة ،بل ظلّت لعبة في يد الدول الاستعمارية لحماية مصالحها .
والآية هنا تعالج قضايا المنافقين ،والذين يرتبطون بقوم بينهم وبين المسلمين ميثاق ،والمحايدين الذين تضيق صدورهم بحرب المسلمين أو بحرب قومهم وهم على دينهم ،والمتلاعبين بالعقيدة الذين يُظهرون الإسلام إذا قدِموا المدينة والكفرَ إذا عادوا إلى مكة .
مالكم أيها المسلمون حِرتم في المنافقين وانقسمتم فئتين لاختلافكم حول كفرهم !إن الأدلة تتظاهر على ذلك فما يسوغ لكم أن تختلفوا في شأنهم أهم مؤمنون أم كافرون ؟ولا بصدد وجوب قتلهم أم لا ؟
وهؤلاء الذين اختلف المسلمون في أمرهم هم فريق من المشركين كانوا يظهرون المودة للمسلمين وهم كاذبون .وكان المؤمنون في أمرهم فرقتين: واحدة ترى أنهم يُعَدّون من الموالين ،فيجوز أن يستعان بهم على المشركين ،وأخرى ترى أن يعامَلوا كما يعاملُ غيرهم من المشركين .وقد حسم الله الخلاف في ذلك وأمر المسلمين أن يبتّوا في أمر كفرهم ،فإنه هو قد أركسهم .ومن ثم: كيف تختلفون أيها المسلمون ،في شأنهم واللهُ قد صرفهم عن الحق الذي أنتم عليه بما كسبوا من أعمال الشر والشِرك !ليس في استطاعتكم هداية من قدّر الله ضلاله ،ولن تجدوا له طريقا إلى الهداية على الإطلاق .