وهموا بما لم ينالوا: أرادوا أن يعملوا شيئا لم يستطيعوا .
وما نقموا: ما أنكروا وعابوا .
ثم ذكر الله سبحانه الجرائم الموجبةَ لجهادهم كالكفّار ،وهي أنهم أظهروا الكفرَ بالقول وهموا بشرِّ ما يُغري به من الفعل ،وهو الفتكُ برسول الله وهو عائد من تبوك .فقد تآمر بعض منهم على أن يفتكوا به عند عَقَبةٍ في الطريق ،لكنه تنبّه وأخذَ الحَيْطة ونجّاه الله منهم .
يحلف المنافقون أمامك يا محمد ،بالله أنهم ما قالوا منكَراً مما بلغَك عنهم ،لكنهم كاذبون في الإنكار ،فقد قالوا كلمةَ الكفر التي رويتْ عنهم ،وظهر كفرهم بعد أن كانوا يتظاهرون بالإسلام .بل إنهم همّوا بما لم ينالوا .
وهذا ما رواه كثير من أئمة الحديث ،أنهم أرادوا أن يغتالوا رسول الله في منصرَفَه من تبوك عند العقبة على الطريق ،وقد احتاط الرسولُ لذلك وأمر عمّار بن ياسر وحُذَيفة بن اليمان أن يكونا معه حتى اجتاز المكان .ولما غِشِيَه المتآمرون كانا منتبهَين فنجا رسول الله .وقد عرفهم حذيفة ،وكانوا اثني عشر رجلاً كما في صحيح مسلم .وحاول بعض الصحابة أن يقتلهم فلم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «لا أريد أن يتحدّث الناس بأن محمداً قتل أصحابه » .
{وَمَا نقموا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ} .
ما كان سبب نقمتهم على الرسول إلا بَطَراً بالنعمة ،بعد أن أغناهم الله ورسوله بما حَصلوا عليه من الغنائم التي شاركوا فيها المسلمين .
فإن يرجعوا إلى الله بِتَرْكِ النفاق والندمٍ على ما كان منهم يَقْبَلِ اللهُ توبتهم ،ويكون ذلك خيراً لهم ،وأن يُعرضوا عن الإيمان يعذّبهم الله في الدنيا بمختلف ألوان البلاء ،وفي الآخرة بنار جهنم .
{وَمَا لَهُمْ فِي الأرض مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} .
وليس في الأرض من يدافع عنهم أو يشفع لهم وينصرهم .