وبعد أن بيّن الله تعالى أحوالَ المنافقين والكاذبين ،وما ينتظرهم من عذاب ،ذكر هنا ثلاثة أصناف أعذارُهم مقبولة ،فالإسلام دين يُسْرٍ ،ولا يكلّف الله نفساً إلا وُسْعَها .
إن التكليف بالغزو ساقِط عن أصناف ثلاثة:
1- الضعفاء: وهم من لا قوّة لهم تمكّنهم من الجهاد كالشيوخ المتقدمين في السنّ ،والعجَزة ،والصبيان وذوي العاهات التي لا تزول .
2- المرضى: وهم من أُصيبوا بأمراض أقعدتهم فلا يتمكّنون معها من الجهاد ،وينتهي عذرهم إذا شفاهم الله .
3- الفقراء الذين لا يجِدون ما ينفقون منه على أنفسهم إذا خرجوا للجهاد ولا ما يكفي عيالهم .
ليس على الضعفاء العاجزين عن القتال لعلّةٍ في تكوينهم ،أو شيخوخة تقعدهم ،ولا المرضى الذين لا يستطيعون الحركةَ والجُهد ،ولا المعدمين الذين لا يجدون ما يتزودون منه ،أيُّ حَرجٍ إذا تخلفوا عن المعركة ،وقلوبهم مخلصة لله ورسوله .
{مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ ،والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
ليس على المحسن في عمله وإيمانه أية مؤاخَذة ولا مسؤولية ،فالله كثيرُ المغفرة ،واسع الرحمة يستر على المقصر في أداء واجبه ما دام مخلصا لله والرسول .
نزلت هذه الآية في ابن أُم مَكتوم ،واختُلف في اسمه أهو: عبد الله أم عمرو بن قيس بن زائدة .وكان هذا ضريراً جاء إلى رسول الله فقال:
يا نبيّ الله ،إني شيخ ضرير ضعيف الحال وليس لي قائد ،فهل لي رُخصة في التخلّف عن الجهاد ؟فسكت النبي الكريم فأنزل الله ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ...الآية ) .